رقية سليمان الهويريني
يتهافت الناس على المنتجات المعروضة في الأسواق ويقفون حائرين أمام الكم الهائل من الماركات المختلفة، وحين تمتد أيديهم نحو المنتج الأرخص لتوفير المال؛ سرعان ما يبّدل بعضهم رأيه ويتمسك بالمنتج الأغلى ظناً منه أنه الأفضل!
ويخشى معظم المستهلكين من شراء السلع الرخيصة أمام طغيان التنافس في السوق التجاري وتوفر منتجات عديدة يشاع أنها بجودة عالية وبسعر مقبول، فيقبلون على شراء المنتج الأعلى سعراً من غيره باعتقاد أنه الفاخر! وكثيراً ما يجنح ويميل المستهلك لشراء السلعة الأغلى ثمناً باعتبار أنه يشتري (سلعة مع راحة البال)! وقد تكون البضاعة الرخيصة ذات جودة أعلى من الأخرى ولكن الدعاية والإعلان يسيطران على أذواق وآراء الناس!
ويسري هذا المنطق على الأدوية، فالمريض يقبل على شراء دواء معين بسعر مرتفع برغم أنه بنفس تركيبة الآخر الزهيد الثمن! اعتقاداً منه بأنه سيتماثل للشفاء بوقت أسرع!
ومسألة اقتران سعر البضائع بقيمتها، ضارب في تاريخ البشرية، نظراً لارتباط الكلفة بالقيمة، فكلما كان السعر مرتفعاً بسبب كلفته؛ كانت السلعة أفضل! مثلما يحرص المستهلك على اقتناء السلع المصنعة يدوياً من قبل حرفيين لثقته بحرصهم على استخدام المواد الخام التي قد يصعب توفرها في المصانع، أو تستهلك جهداً مضاعفاً!
وبرغم دخول التكنولوجيا وأساليب التصنيع الجديدة مع الثورة الصناعية الهائلة حتى أصبح من الممكن الحصول على سلع عالية الجودة بأسعار رخيصة، إلا أن السلوك الشرائي لازال نمطياً!
إن الصعوبة تكمن في تحديدنا مدى الحاجة للمنتج بغض النظر عن سعره وكلفته المادية، فقد يمنح الكرسي المتواضع الراحة اللازمة، وقد تعطي القهوة مزاجاً معتدلاً حين تسكب بقدح بسيط وسعر زهيد أكثر مما يوفره كوب آخر، ولكن بكوب ذي تصميم فريد.
ولم أجد مثل استمتاع الأطفال بألعابهم وهم مغمورون بالفرحة لا يعرفون أسعارها ولا يدركون جودتها ولكنها تمنحهم المتعة واللذة والحبور!