إبراهيم بن سعد الماجد
الهزيمة أو النكسة التي مُنيت بها إيران على يدي الرئيس الأمريكي - ترامب - لا شك أنها مؤلمة لملالي إيران, وقد تعيدهم إلى نقطة الصفر لو عملنا عملاً منظماً دقيقاً يعتمد على المعلومة ويستند على التاريخ الدقيق لهؤلاء الدمويون الإرهابيون الذين حفظت لهم كتب التاريخ الإسلامي أبشع وأقبح الصور الدامية البعيدة كل البعد عن الحكم الرشيد والعدل والرعاية للوطن والأمة.
وهذه المقالة تأتي في هذا السياق, وقد كتبت قبلها ما يؤكد على نقطة مهمة وهي أن إيران كشعب شيء, وإيران الملالي شيء آخر.
لنرجع قليلاً لتاريخ ظهور الدولة الصفوية التي يُعد إسماعيل الصفوي مؤسسها عام 1501م فمن هو إسماعيل ؟
تقول المصادر إن للظروف الأسرية وظروف الحكم دوراً أساسياً في تكوين شخصية إسماعيل مؤسس الدولة الصفوية، فقد كانت نشأته في بيئة تعج بالفتن والخرافات وكذلك بالحروب وذلك نتيجة طبيعية لما تقوم به الفرق الصوفية الضالة والمغالية, وإسماعيل هذا يأتي من أحدها. كما أن أجداد إسماعيل عاشوا في كنف تيمورلنك الذي كان يقرب أصحاب الطرق الصوفية لمصالح سياسية بحتة, كون هؤلاء الصوفية وخاصة علماؤهم لهم مكانة عند عموم الناس.
ذكر ذلك الدكتور كامل الشيبي في كتابه (الفكر الشيعي والنزعات الصوفية ) فقد كانوا يكثرون من الدعاء لإسماعيل هذا, ويعتبرون كل أعماله من وحي الغيب, وقد تقرب من شيعة خرسان الذين كان لهم حضور مؤثر, بل إنه سك عملة بأسماء الأئمة الاثني عشر, تقرباً لهم, وكانت حملته على الشام تحت غطاء الإنقام من أبناء يزيد ثأراً للحسين بن علي رضي الله عنهما.
(وفيما يتعلق بالبيئة الخارجية التي نشأ فيها إسماعيل الصفوي وأجداده. فقد نشأ يتيم الأب بعد مقتل والده وعمره سنة واحدة، ولا يخفى على أحد أن لوالدته مارتا بنت حسن الطويل وأمها المسيحية كاترينا دورا مهما في تربيته بعد وفاة أبيه المبكرة. تولى الزعامة وعمره لم يتجاوز ثلاث عشرة سنة وخاض عدة معارك طاحنة مع ملك شيروان ثأرًا لجده وأبيه الذين قتلا هناك وألحق الهزيمة بملكها «فرخ يسار» وذلك سنة 1500م، وتذكر المصادر التاريخية ومنها - البدر الطالع في محاسن القرن السابع - أن الشاه إسماعيل وإمعانًا في قسوته وحقده وضع «فرخ يسار» ملك شيروان -الذي وقع أسيرًا- في قدر كبير وأمر أتباعه بأكله!! وتمكن بعدها من الاستيلاء على تبريز بعد معارك مع الوند ميرزا حاكم ألآق قوينلو في أذربيجان وانتصر عليهم، وهناك أعلن قيام الدولة الصفوية عام 907 هـ/ 1501 م ووضع تاج أبيه الديباجي على رأسه واستطاع خلال سنوات من توسيع حدود دولته وأصبحت عاصمتها أصفهان حيث ضم إليها ما وراء النهر وقفقاسيا والعراق.
وتذكر الكثير من المصادر ومنها مصادر شيعية أن إسماعيل كان يقوم بتصفية لعلماء السنة تحديداً عند أي سيطرة له على إقليم, بل إنه كان ينحرهم نحر الشياه !!
لا ننسى علاقته السيئة مع الدولة العثمانية التي كانت تعامله معاملة تليق بمجرم مثله فقد دحرته في أكثر من معركة, لكنه يعود مرة أخرى لما يجده من دعم بشكل أو بآخر من قوى غربية تخشى الدولة العثمانية, ووجدت في إسماعيل منقذاً سيشغل العثمانيين الذين تمددوا في أجزاء من أوربا عن تمددهم وسيطرتهم السريعة على تلك الدول.
تؤكد المصادر أن إسماعيل الصفوي قتل وهجر ما بين 40 إلى 50 ألف من السنة من الداخل الإيراني, وكان يمارس أشد أنواع التعذيب والتنكيل بالسنة الإيرانيين الذين يرفضون التحول إلى المذهب الشيعي.
المعارك التي خاضتها الدولة العثمانية ضده لا شك أنها أخرت الكثير من التمدد العثماني في أنحاء من أوربا, وهذا بالطبع أمر إيجابي بالنسبة للأربين ولذا كان إسماعيل هذا بالنسبة لأوروبا الرجل المناسب في الزمان والمكان المناسب.
من هذا العرض السريع والموجز يتأكد لنا خطر هؤلاء القوم على الأمة الإسلامية, وعلى كل جيرانهم العرب حتى ولو كانوا معهم على نفس المذهب, فهم قومٌ بهت, لا يعرفون إلا الدماء سبيل لتحقيق مآربهم وأطماعهم, وآخر ما يفكرون فيه بل لا يفكرون به أصلاً الأمة الإسلامية وقضاياها.
علينا أن نفتح كامل ملفاتهم القديمة والحديثة لتعرف الأجيال الحاضرة خطرهم, ولتصل هذه المعلومات للمنظمات الحقوقية والإنسانية, ليعلموا أننا لا نعاديهم ظلماً وعدوانا, وإنما لكونهم إرهابيين لا يعرفون كما أسلفت إلا لغة الدماء والأشلاء.
سنواصل الحديث عنهم في مقالات قادمة بإذن لله.