د. عبدالرحمن الشلاش
أمر الخونة محسوم، ولا مجال للحوار حولهم؛ فهم مَن باعوا وطنهم بأبخس الأثمان لمصلحة الأعداء. قبضوا الثمن الرخيص مقابل العمالة والتجسس، أو التخريب والتحريض والتحزب، أو نشر التغريدات المسيئة للوطن، والمركزة على السلبيات بهدف إظهار الحكومة بشكل غير لائق أمام العامة.
من الخونة من لقوا جزاءهم، والبقية في الطريق ليكون هذا الوطن لأبنائه المخلصين المستشعرين مكانته السامية، وخيراته الوفيرة، وعطاياه السخية. أما من مدوا أياديهم الملوثة للأعداء فإلى مزبلة التاريخ غير مأسوف عليهم.
الخائن من تربى في بيئات موبوءة، وغُذي بفكر عفن؛ فترعرع يتحين الفرص ضد بلاده، يحاول اقتناص السوانح بدلاً من الوقوف مع البلاد التي أظلته بظلها، وأروته بمائها، وأشبعت بطنه إلى حد التخمة فجحد وأنكر، ثم انقلب على عقبيه؛ ليساند كل اصطفاف ضد حكومته. مشكلة بعض الخونة أنهم تصوروا في لحظة غرور وجهل أنهم أصحاب مكانة رفيعة في المجتمع، لكن فاتهم أن مكانتهم لا تتجاوز الرعاع الذين يتبعونهم ويؤيدونهم، حتى إذا سقطوا في الخيانة انسحب معظمهم غير آسفين على حالهم.
قمة السفالة أن تعض اليد التي امتدت إليك زمنًا بالخير، والأسوأ أن يجد هؤلاء الخونة من يعزز لهم ويدافع عنهم ويسوق لهم في كل مجلس ومنتدى وموقع.. هؤلاء - دون شك - شركاء للخونة، فمجرد موافقتهم لأفعال الخونة فهذا يعني أنهم ضالعون في الجرم مشجعون على الأفعال الرديئة. أفعال الخونة لا يمكن تبريرها أو تمريرها، وإنما الأولى إدانتها؛ وبالتالي تعرية كل خائن، ونشر الوعي في أواسط شريحة عريضة، لا تعرف شيئًا عما يدور حولها، التبس عليها الحق والباطل، ودُلس عليها وجُهلت من تجار مصلحة، وتجار دين، ومدعي إصلاح، يرى أن كل شيء فاسد، وأنه سيصلح المجتمع رغم أن الحقيقة غير ذلك؛ إذ هذا المدعي من أكبر الفاسدين المفسدين.
شركاء الخونة وهم مَن يبررون أفعالهم، ويدافعون عنهم، في نظري من أشد الفئات خطرًا؛ فهم يوجدون في كل مكان، يدلسون ويضللون، يقلبون الحقائق رأسًا على عقب، يوجهون سمومهم للجهال وصغار السن، فيصدقون كلامهم دون تمييز. هؤلاء الشركاء لا بد أن نستفيض بالحديث عنهم وبحثهم كظاهرة سيئة وسط المجتمع، تحتاج إلى علاج عاجل غير قابل للتأجيل.