سمر المقرن
مُرعبة هذه الجرائم التي نراها ونسمع عنها عبر وسائل الإعلام، والمرعب أكثر هي نوعية هذه الجرائم، حيث في أقل من شهر يقوم ولدان بقتل أميهما، الأول الذي قتلها دهساً على طريق الرياض- رماح، والثاني قتلها طعناً بالسكين في مدينة رفحاء. لا يُمكن إطلاق مسمى «ظاهرة» على هذه الحالات، لكنها في الواقع تستحق أن تُفتح لأجلها أبواب المراكز البحثية ليس فقط لدراستها وتحليلها، إنما لإيجاد الحلول وردم العوامل التي من الممكن أن تؤدي إلى مثل هذه الجرائم، وهي من المؤكد ناتجة عن اعتلال نفسي وأمراض وإدمان على المخدرات، لأن الشخص الطبيعي لا يُمكن أن يُقدم على أي جريمة ولو حتى كانت بسيطة كمخالفة الأنظمة والقوانين، فكيف بها أن تصل إلى حد القتل، وقتل من؟ قتل الأم التي أنجبت وربّت وهي من تنتظر أن ترى ثمرة تعبها وشقائها، فإذا بحياتها تنتهي على يد أقرب قطعة من جسدها لها.
العلاج النفسي من المهم تطويره أكثر وأكثر، والبلد بحاجة إلى مستشفيات كثيرة لعلاج الأمراض النفسية وعلاج الإدمان على المخدرات، ولعل أول وأهم خطوة ينبغي أن تكون بإدراج الأمراض النفسية ضمن تغطية العلاج التابعة للتأمين الصحي، فالعلاج النفسي مكلّف مادياً، عدا أن عدم إدراجه ضمن تغطية التأمين الصحي يعني عدم الاعتراف به كمرض ضمن الأمراض التي تحتاج إلى علاج، مع أن المرض النفسي قاتل، وقد يؤدي إلى موت صاحبه أو لجوئه إلى الانتحار، وقد يؤدي إلى موت أطراف أخرى كأن يُقدم على جريمة قتل! تاريخ جرائم القتل مليء بالقصص الشهيرة الموجعة، لكن بصدق فإن الجرائم الشهيرة كانت ضد الأب، أما قتل الأمهات فهذا لم يدخل ضمن حيز ذاكرتي ولا بحثي وقراءاتي، أعتقد أنه صعب التصديق لولا الحالات التي نراها أمامنا عبر وسائل الإعلام، وهي حالات جديرة بالدراسة العاجلة وبحث كافة السبل التي تجعل إنسان يتجرأ على قتل أمه التي كانت سبباً في أن يرى هذه الحياة.
وصول حالات العنف إلى حد الذروة بهذا الشكل هو أمر فعلاً مخيف، وتكرار الحالات، بل وكثرتها لا يحتاج إلى تعليق الأسباب على المرض النفسي أو الإدمان، بل هناك ما يجب فعله على أرض الواقع لعلاج المرض الذي وصل إلى هذه المرحلة!