فوزية الجار الله
شاهدت مؤخراً لقطة مصورة لأحد المواطنين وهو يتبع مسار امرأة حالما رآها تقود في إحدى المحافظات الصغيرة خارج العاصمة، ويوثق المطاردة عبر هاتفه الجوال يشتمها ويتحدث عنها بما لا يليق وكأنما خرجت عن حدودها واقترفت جناية لا تغتفر، انتشرت اللقطة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبغض النظر عن اختراق المرأة للفترة المحددة للسماح بالقيادة إلا أن هذه الدهشة وذلك الاستغراب وتلك المشاعر المعادية للمرأة ينبغي أن تتوقف تماماً وأن تصبح من الماضي وذلك من خلال نشر الوعي، فالقيادة مثلما هي حق للرجل ينبغي أن تكون حقاً للمرأة، علينا أن نغير أفكارنا تجاهها، القيادة مهارة وقدرة وجسارة على قيادة الحياة بحد ذاتها ولكل أمر أو فعل في الحياة سلبياته مثلما هي إيجابياته، فعلى سبيل المثال لكل من الشتاء والصيف سلبيات وإيجابيات، وللزواج والعزوبية أيضاً سلبيات وإيجابيات، وهكذا الحال بالنسبة للقيادة، ربما تكون إحدى السلبيات كثرة الزحام كما يقول البعض لكن هذه حجة لها ما يواجهها بقوة فبحكم أوضاع العالم الاقتصادية المتغيرة ونحن جزء منه هذا الأمر سيفرض وعياً اقتصادياً في الحياة سواء كان ذلك إرادياً أم لا إرادياً، كل عائلة مهما بلغ عدد أفرادها غالباً لن تملك من السيارات إلا بقدر ما تسمح به قدرتها الشرائية.
هذا عدا أن كثيراً من النساء ممن لديهن مهارة القيادة لا يرغبن في ممارستها لأسباب كثيرة إما اقتصادية أو اجتماعية وربما لأسباب شخصية، لكن يكفي أنها تملك مهارة القيادة وهذا ما وددت قوله منذ البدء، علينا النظر إلى القيادة باعتبارها إحدى المهارات التي لا بد أن نصر على معرفتها واكتساب القدرة على القيام بها لمواجهة حالات الطوارئ والأزمات كحد أدنى، مثلما ينبغي على الرجل والمرأة معاً الإلمام بمبادئ الإسعافات الأولية ومهارة الوعي بكافة أمور المجتمع، كذلك على المرأة الإلمام بمهارة الطبخ ونظافة المنزل والغسيل لمواجهة الاحتياج اليومي الذي تفرضه الحياة، وأيضاً ما أجمل أن تكون لديها معرفة وإلمام بمهارة القيادة لخدمة ذاتها في حالة عدم وجود من يقوم بذلك نيابة عنها، وأن يكون إحدى المهارات التي تلم بها في أوقات الطوارئ والأزمات.. وقد سمعت عن حكاية واقعية حدثت منذ حوالي عشرين عاماً يقول صاحبها بأن امرأة كانت مع زوجها وأطفالهما في «البر» أصيب زوجها فجأة بجلطة فاستطاعت إنقاذه سريعاً بقيادة السيارة واصطحابه مع أطفالهما إلى أقرب مستشفى حيث تم إنقاذ حياته. ولنتخيل الوضع لو لم يكن لدى المرأة إلمامٌ بالقيادة وهي إنسان بالغ عاقل، كم ساعة كانت ستقضيها في البحث عن معين وقد كانت في حالة خانقة تفرض عليها استغلال كل ثانية لإنقاذ إنسان عزيز هو شريك حياتها.