خالد بن حمد المالك
ظلت قطر على مدى سنوات تعمق علاقاتها مع إيران، وتزيد من تعاونها مع هذا النظام التوسعي العدواني المتآمر على دولنا، ولم تكتف بذلك، بل إنها تُخطِّئ دولنا على عدم وجود علاقات طبيعية مع طهران، وتحملها المسؤولية عن ذلك، مع إعطاء صورة محسنة للنظام في طهران، وإذ يفضح بيان إستراتيجية الرئيس الأمريكي ترامب الذي أعلن عنه البيت الأبيض في بيان قرأه الرئيس بنفسه حيال إيران، فإن هذا البيان وكأنه يرد بشكل غير مباشر على الانقياد القطري نحو سياسة إيران الإرهابية.
* *
لهذا نتساءل: كيف ستكون حالة قطر وتعاونها مع إيران بعد أن مرّغها الرئيس الأمريكي الشجاع بالتراب؟ وهل للدوحة وجه للدفاع عن ملالي إيران والدفاع عن جرائمهم وتخطئة كل من يعادي الممارسات الإرهابية التي تتباها وتدعمها إيران كما تفعل ذلك قطر أيضاً؟ فقد أظهرت إستراتيجية ترامب توصيفاً للحالة الإيرانية، بما لم تقله الولايات المتحدة الأمريكية عن إيران من قبل وفي أي عهد من عهود الرؤساء السابقين، ما جعل النظام الإيراني يترنح من شدة الصدمة والضربة القوية التي تلقاها بهذه التفاصيل من البيت الأبيض.
* *
على قطر أن تراجع سلوك شركائها وأصدقائها ومن تتعاون معهم، لكن قبل ذلك عليها أن تراجع سلوكها هي، فتتجنب ما يجعلها ذات يوم فريسة لقرارات موجعة لها، بعد أن انكشف الغطاء عن أنها تؤوي الإرهابيين وتمول الإرهاب وتتدخل في شؤون الدول الشقيقة، بالدليل والوثائق والمستندات والتسجيلات الصوتية، لأنها إن لم تصحح سلوكها فلن يكون وضعها في المستقبل بأحسن حالاً مما تواجهه إيران اليوم بعد سنوات من الانتظار على أمل أن تعيد النظر في سياساتها العدوانية.
* *
صحيح أن قطر لا تملك ترسانة من الأسلحة ذات الدمار الشامل، وليس لديها برنامج لامتلاك الأسلحة النووية، لكنها تماثل السياسة الإيرانية في تبني الإرهاب ودعمه، وفي خدمة العمل الإرهابي بالإعلام والمال وإيواء المنظمات الإرهابية، وهذا يكفي لجعل قطر تحت المراقبة الشديدة، ومن ثم أخذ قرارات دولية مفصلية ضدها، لكي تكون بعد تأديبها دولة متعاونة لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام لا ضدها، إلا إذا كانت كما هي إيران سوف تعاند وتكابر وتواصل الرفض للقبول بأي اتهام موثق عليها وعدم الاعتراف به، فهذا شيء آخر.
* *
إني أرى في إستراتيجية الرئيس ترامب الجديدة اشارة غير مباشرة لوصف الحالة في قطر، وقد لا تفهمها الدوحة كفهمي لها، فتنظر إلى بيان ترامب على أن المعني به نظام إيران، وبالتالي تواصل الدوحة مع طهران التعاون والتنسيق بما يخالف القواعد الدولية المعتبرة، ويخل بالتزاماتها الدولية في محاربة الإرهاب، إرضاء لطهران التي دخلت الدوحة ضمن الدول التي تسيطر القوى الإيرانية على بعض القرارات المفصلية فيها، ما يجعلها مرشحة -ولو بعد زمن بعيد- لتكون جاهزة لاستقبال قرارات موجعة كما هي صديقتها إيران.