جاسر عبدالعزيز الجاسر
تحدثنا في مقالنا السابق عن توغل الحرس الثوري الإيراني في جميع المناشط في إيران، ولم يقتصر دوره على إدارة الأوضاع الأمنية داخل المدن والمقاطعات الإيرانية و»تحصين» ثورة خميني، كما تؤكد أقوالهم، ولا فقط العمل على تصدير الفوضى والفتن الطائفية والإرهاب للمجتمعات الإسلامية الأخرى بدعوى نشر ثورة خميني، بل أصبح متواجداً في كل المؤسسات والأنشطة في إيران وخارجها، وبرز وبشكل واضح دوره في الأنشطة الاقتصادية، بحيث أصبح الاقتصاد الإيراني مرتبطاً ارتباطاً تاماً بالحرس الثوري ويكاد يكون تابعاً وممولاً لأنشطة وأعمال الحرس الثوري داخل إيران وحتى توفير الأموال الطائلة على حساب الاقتصاد وأوضاع المجتمع الإيراني إلى أذرع الحرس الثوري الإرهابية من مليشيات طائفية في سوريا والعراق ولبنان، إذ إن حزب حسن نصر الله وحده يؤمن له الحرس الثوري ثمانمائة ألف دولار سنوياً لدعم أنشطته وتمويل رواتب مقاتليه وأعماله الأخرى في المجالات الإعلامية خلافاً لما يتطلبه تحويل إرسال الأسلحة ومنها الصواريخ والطائرات المسيرة وغيرها من الأسلحة المكلفة. وقد عززت المبالغ التي تسلمها النظام الإيراني من الولايات المتحدة الأمريكية بعد رفع الحظر المفروض على الودائع الأمريكية والتي تجاوزت المليار دولار قدرة الحرس الثوري على الصرف على أذرعه الإرهابية وبالذات في سوريا والعراق ولبنان واليمن وأفغانستان، وبالإضافة إلى حرمان الشعوب الإيرانية من أموالهم التي أعادتها أمريكا إلى طهران، التي صرفت جميعها لتمويل العمليات الإرهابية، إلا أن الحرس الثوري يستنزف الاقتصاد الإيراني ويدير اقتصاداً خفياً من خلال متاجرته بالمخدرات وتسييره طائرات خاصة عبر مطارات، ويقوم بالتهريب عبر سفن من خلال موانئ لا يستعملها إلا المؤسسات التابعة له.
في الدراسة التي أنجزها المكتب العربي الأوروبي للأبحاث، الذي يشرف عليه مرجع شيعي لبناني، تؤكد تلك الدراسة أن للحرس الثوري دورا وحضورا قويا وفاعلا في مجال الاقتصاد الإيراني، فله دور اقتصادي فاعل من أقصى إيران إلى أقصاها، إذ إنه بالإضافة إلى كونه اللاعب السياسي والأمني الأول في البلاد، فإنه كذلك أيضاً في الجانب الاقتصادي.
بحسب المعلومات الواردة في التقارير المختلفة المتعلقة بدور الحرس الثوري في مجال الاقتصاد الإيراني، فإنه وعلى سبيل المثال، فإن «مقر خاتم الأنبياء»، وهو الجناح الاقتصادي للحرس الثوري، يعتبر أكبر مقاول في إيران، حيث يضم 812 شركة في إيران وخارجها، وله أسهم كبيرة في عدد من البنوك والمصافي ومصانع السيارات والبتروكيماويات والألمنيوم والصناعات البحرية وصناعة الجرارات والصلب والحديد ومصانع الأدوية والمطاحن وشركات الحفر والصناعات الغذائية.
ومن النماذج التي تدل على مدى تغلغل وهيمنة الحرس الثوري في الاقتصاد الإيراني، فقد باعت حكومة أحمدي نجاد 51 % من شركة الاتصالات الإيرانية إلى شركات تابعة للحرس الثوري من خلال مزايدة تمت هندستها بطريقة تجعل أكبر صفقة في تاريخ الأسهم الإيرانية تنتهي لصالح شركات تابعة للحرس الثوري.
وخلاصة الأمر، فإن الحرس الثوري يعتبر بمثابة الشريان الأبهر لقلب نظام الجمهورية الإسلامية الإيرانية ولا يمكن لهذا النظام أن يستمر فيما لو جرى شيء غير عادي له.