عبده الأسمري
في خضم العمل وعمق المسؤولية يحيا الضمير في أنفس عدة ويموت في أخرى ويستتر أحيانا ويغيب أحايين كثيرة في أعماق المجهول.
سؤال تعلوه الأمانة وتحفه مسلمات البديهية وموجبات الضمير.. عندما يتوجه مسؤول من منزله إلى مقر عمله وعندما يسير في سيارته هل جرب يومًا أن يعيش حياة «المواطن العادي» هل رصد بعيدًا عن الرسمية وبرتوكولات المناسبات مخالفات أصحاب ضمائر غائبة يعملون تحت إدارته يرتكبون المخالفات وهل رأى من الميدان ألم الآخرين ولمس معاناتهم؟ هل قرر مسؤول معني بتقديم الخدمات أن يسير بمركبته وسط الأحياء ليلمس معاناة المواطن ويرصد من وسط الحدث تجارب الآخرين مع نقص بعض الخدمات.
هل؟ وهل؟ وهل أداة استفهام لا تجد إجابة في قواميس العديد من المسؤولين الذين يرون أن الأمانة تقارير ترفع إليهم من مدراء فروع هم الآخرون يعيشون ذات البرستيج ويعتمدون على الأوراق ولغة النتائج المغلوطة..
سؤالي أين الضمير الحي الذي يجب أن يكون عنوانا لأي مسؤول؟
أداة استفهامي الأبرز هنا.. هل لدينا مسؤول خرج وعمل في صمت ليريح ضميره بعيدًا عن التصفيق والتمجيد وتعريف الوطن بأكمله بزياراته وجولاته وكأنه يتصدق على الآخرين بذلك بينما هذا واجب عليه يجب أن يعمله سرًا مع نفسه وعلانية في حالة سؤاله واستجوابه..
في ذاكرتي وذاكرة «المتعاملين» مع دوائر صناعة القرار العديد من الآلام والكثير من الأسئلة والاستفسارات مقترنة بالجزم والتأكيد في دائرة «الجهل والتجاهل».
الضمير الحي يجب أن يكون ملازما للقسم الذي يؤديه كل مسؤول وأن يكون مرافقًا لكل صاحب منصب في عمله وواجباته مرتبطا بكل قرار تعيين..
الضمير الحي يحتاج إلى قلوب مفتوحة وصدور تتسع لمطالب المواطنين وخطوط اتصال تجعل المسؤولين في مساحات الاطلاع والقرار بعيدًا عن اجتهادات المرافقين ومسؤولي المكاتب الأمامية.
الضمائر المستترة المنفصلة الغائبة المجازة تلك التي تصنع الحواجز وتضع العراقيل هي ذاتها من يحتجب وراء المنصب ويختفي وراء السلبية.
مراجعة الضمائر أولى وأهم من أي عمل آخر فهي الأساس والانطلاقة الأولى في تأسيس منظومة الأمانة وتأصيل مفهوم العدل وتوظيف معاني النزاهة.
الضمير الحي سر التميز ومنطلق الكفاءة وأداة النجاح ونقطة النظام الأساسية في تحقيق تنمية الإنسان والمكان وهو خط الدفاع الأول أمام الفساد وروح القيم التي تنشر الفضيلة وتشيع الحسنى بكل تفاصيلها.