رجاء العتيبي
عندما تقول إنك (إنسان مسلم) فورًا تُخرج نفسك من أي تحزب فكري أو طائفي، وتعيش بـ(قلب سليم)، هدفك التعاليم الإسلامية السمحة وقيم الإنسانية، وليس ثمة أجمل من ذلك في عالم يعيش صراعات لا تنتهي وحروب وإقصاءات، وتشرذم، دعك من كل ذلك وعش كما تريد أنت لا كما يريد غيرك.
الاحتراب الاجتماعي الذي نشهد بعضًا من بقاياه هذه الأيام: الولاية، قيادة المرأة، أنظمة التحرش، تجريم العنصرية، تمكين المرأة ... إلخ، وما يصاحبها من صراع بين الخصوم الذين يصفون بعضهم بأوصاف إقصائية: (ليبرالية، ظلامية، جامية) ... إلخ، لم يعد لها مكان في عالمنا اليوم، بعد أن تكشفت لنا أن تلك الصراعات ليس سوى (صراعات مفتعلة) تهدف إلى تقويض السلم الاجتماعي الذي تعيشه بلادنا لنكون فرقًا شتى فتذهب ريحنا.
لا تغتر بالشعارات الرنانة التي يطلقها مجهولون أو جماعة عرفت بعدائها لنا، لا تغتر بها مهما تلبست بلبوس الإسلام، دعك منها طالما أنها لا تتكئ على سماحة الإسلام، ولا تعلي من شأن الوطن. معظم هاشتاقات (الصراعات الاجتماعية) النشطة في تويتر ليست صادقة، بدليل أنها ـ في كل مرة ـ نراها موجهة لنا، وهذا يعني أن هناك من يعمل ضدنا على طول الخط، فلو تأملت هاشتاق (إسقاط الولاية) على سبيل المثال لرأت معظم المشاركين فيه أسماء مستعارة قادمة من خارج الحدود، وقس على ذلك.
(الولاية) كمصطلح به كثير من التفريعات وليس مصطلحًا واحدًا تأخذ به كله أو تتركه، ولكن المغذين له أظهروه للوجود باعتباره نقطة خلاف حادة يمكن أن تؤتي أكلها في مجتمعنا.
الخلايا المناوئة للوطن، لا تتدخر وسعًا في السعي لتفريقنا، تفعل كل ما يمكن فعله من أجل ذلك، وتأخذ من القضايا الاجتماعية أسلوبًا لتجعلنا نضرب رقاب بعض، لنكون في النهاية لقمة سائغة في فم الأعداء.
بعد كشف الخلايا النائمة، والأحزاب، والجماعات، المعادية، عرفنا أن كثيرًا من أهلنا راح ضحية لهؤلاء، أو مدفعًا يضربوننا به، أو حزامًا ناسفًا يفجر نفسه فينا، أو لسانًا سليطًا يصعقنا به في كل مرة يخرجه.
هل الصواب أن تقحم نفسك في صراعات اجتماعية وجدل حاد في قضايا مفتعلة، ونقاشات ليس لها نهاية، أم الصواب أن تكون إنسانًا فعالاً في مجتمعك، تسهم في النمو الاقتصادي والمعرفي، وتسعى للارتقاء بأسرتك ونفسك؟ أطرح هذا السؤال على نفسك بعد أن تكشفت خطط أعداء الوطن، وستجد أنك أضعت وقتك ونفسك ومالك في قضايا شائكة أنت وقودها.
يبقى الوطن معيارًا يبين لنا من يعمل معنا أو ضدنا، ولن نبيعه مهما كانت الظروف لجماعة ما، أو حزب ما أو دولة ما، فخيانة الوطن خيانة عظمى لا تغتفر. كن إنسانًا مسلمًا يعمل من أجل وطنه بكل تعدديته الثقافية والاجتماعية في إطار الوحدة الوطنية.