ناصر الصِرامي
واجهة قطر الإعلامية ومكينة الخريف والفوضى في الدول العربية، شبكة قنوات الجزيرة القطرية التي بدأت أخبارية، ثم سقطت في وحل عظيم، تلك القناة التي استغلت بعض القضايا في العالم العربي - وما أكثرها - استغلتها لتقديم مصداقيتها وإظهار طهارتها المزيفة.
تلك الشبكة بعد أن سقطت مهنياً، ها هي تسقط أخلاقياً، في فضائح عالمية، فالشبكة الإعلامية وعبر إحدى أذرعتها، قنوات الجزيرة الرياضية، مهما تبدل الاسم، لمجموعة «بي إن» الإعلامية - أصبحت الدوحة وشبكتها الرياضية في قلب فضيحة فساد ورشوة واحتيال وسوء إدارة وتزوير، كشف عنها مكتب الادعاء في سويسرا الخميس الماضي.
وأعلن مكتب النائب العام السويسري «فتح تحقيق جنائي بحق الأمين العام السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم (جيروم فالكه) والرئيس التنفيذي لمجموعة (بي إن ميديا)، يتعلق بمنح الحقوق الإعلامية لكأس العالم»، التي تقوم الشبكة بنقلها منذ أعوام عدة.. وتملك «بي إن سبورتس» حقوق بث معظم البطولات الرياضية والكروية، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهذا طرف الفضيحة والقادم سيكون أكثر إثارة.
جرائم الرشوة والاحتيال وسوء الإدارة والتزوير مارستها الشبكة، التي لديها استعداد لفتح مساحات وآراء وعويل وصراخ عن حفرية في شارع بقرية سعودية أو مصرية أو إماراتية، لكن هذه الفضائح الثقيلة لا يمكن أن تنقلها ولو عرضياً، فالشبكة التلفزيونية التي يصرف عليها الديوان الأميري مباشرة مليارات الريالات القطرية سنوياً، وتستقطب كل مرتزق وبوق ضد الخليج العربي ودوله وشعوبه، بل وضد العالم العربي ومصالحه الأساسية، هذه الشبكة لم تسقط في الوحل فقط بل أصبحت هي الوحل للأسف الشديد.. وهاهي اليوم تشوه تاريخ دولة قطر والقطريين كشعب.
لم تكن هذه الفضيحة كافية للنظام في الدوحة، لكنه حاول ممارسة نفس الفساد على مستوى عالمي آخر، فمن الرياضة للثقافة، سعت الدوحة تحسين سمعتها التي تدهورت بعد فضح حقيقة دعمها للإرهاب العالمي، وذلك عبر ترشيح وزير ثقافتها السابق إلى رئاسة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم (اليونسكو)..!
لكن الأموال القطرية المرصودة كالعادة لمثل هذه المناسبات والأصوات تبخرت مع فوز الفرنسية أودري أزولاي، بالسباق الانتخابي على ترؤس منظمة اليونسكو، ورجحت كفة الأصوات بالانتخابات الختامية اسم الوزيرة الفرنسية ليخرج منافسها القطري خاسرًا.. كما الرصيد القطري المكشوف اليوم.
وذهبت كل الآمال القطرية لخلق سمعة تغطي واقع النظام فيها، والذي سعى بكل قوّته للتخريب في المنطقة ودعم الجماعة والجماعات الإرهابية، ذهبت إلى ما هو أسوأ ، حيث انقلبت الحملة إلى تفعيل وإعادة وكشف المزيد من السمعة السيئة لممارسات النظام القطري الراهن، ولاحقت الدوحة مجدداً اتهامات بمحاولة شراء المنصب من خلال رشوة المصوتين بالمال، وذكرت تقارير إعلامية أنها اعتمدت على دفع الرشاوى وصرف أموال لأعضاء في المعركة الانتخابية في اليونسكو، من أجل التصويت لمرشحها، لكن النظام فيها لم يتقبل هذه الخسارة والفضائح الجديدة واختار الاختفاء خلف نظرية المؤامرة لتبرير الخسارة أو الخسائر... لكن ما لا يدركه الشعب القطري أن هذه أول رائحة الفساد والرشوة وسوء الإدارة والتقدير.. هناك المزيد من الفضائح في الطريق ستبقى عنوان صفحة سوداء في التاريخ الحديث!.
مجلة فورين بوليسي الأمريكية قالت إن هزيمة المرشح القطري حملت دلائل وتوجهات دولية، بينها قوة المقاطعة العربية لها والتي تهدف لمكافحة الإرهاب، كما أنّ فوز المرشحة الفرنسية كان خياراً أممياً بالاصطفاف ضد التطرف والديكتاتورية والفساد الذي يمثلها النظام القطري الراهن.