أ.د.عثمان بن صالح العامر
بين إقرار حصة النشاط في مدارس التعليم العام - بالصورة التي تحدثت عنها في مقال الجمعة الماضية - وبين فتح المجال لجميع أعضاء هيئة التدريس والأكاديميين للمشاركة في إبداء وجهة نظرهم الشخصية إزاء مسودة نظام الجامعات الجديد التي عرضتها وزارة التعليم، مساء الأربعاء 13سبتمبر 2017م وحددت مدداً زمنية لاستقبال الآراء ومن ثم الرفع لصنّاع القرار تمهيداً لبدء العمل بهذا النظام بعد عام من تاريخه، وغرّد حينها معالي وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى - عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر- قائلاً: «سعيًا لتعزيز المشاركة المجتمعية، يسرّنا إطلاعكم على مسودة نظام الجامعات الجديد واستقبال مرئياتكم». أقول بين هذا وذاك ما بين السماء والأرض، ولكم أن تتصورا لو أن مقام الوزارة المبجل جعل هذا ديدنه في جميع قراراته المفصلية ذات الصلة المباشرة بالمجتمع الأكاديمي والميدان التربوي على حد سواء، مع تحديد مدد زمنية كافية للدراسة والترجيح وأخذ اختلاف الظروف الزمانية والمكانية والجنس والعمر و... في الاعتبار!!!
ليس هذا موضوعي الأساس، ما أحببت قوله في هذا المقال الإشارة العجلى إلى أن جلّ - إن لم يكن كل- الجامعات التي تنعت بالناشئة ليست - في نظري - جاهزة الآن للانتقال الفعلي إلى النظام الجديد الذي يفترض تغييراً هيكلياً في بنية النظام الداخلي للجامعة، وإقرار مجلس الأمناء، كما يفترض اكتمال البنية الأساسية في المدينة الجامعية، وتوفر الموارد المادية والبشرية الوطنية من الجنسين، وتنوّع مصادر التمويل، ووجود رجال أعمال يشاركون في دعم مسيرة الجامعة و... ، ولذا حتى يتحقق النجاح الوطني المنشود، وتكون الآراء التي استقبلتها الوزارة - وما زالت قيد الدراسة والتمحيص من قبل فرق متخصصة- مؤثّرة في مستقبل هذه الصروح العلمية المهمة الفاعلة في حاضر الوطن ومستقبله، حتى يتحقق هذا، ونحصل في ذات الوقت على الجودة في الأداء، وتميز المنتج النهائي لجامعاتنا السعودية - التي يفترض أن تكون منافسة عالمياً- أعتقد أن من المناسب التدرج في التطبيق، حيث يُبدأ بالجامعات الأم الجاهزة للانتقال إلى النظام الجديد بكل انسيابية وهدوء، كجامعة الملك سعود وجامعة الملك فهد وجامعة الملك عبد العزيز وجامعة الإمام و... على افتراض أن تكتمل منظومة مؤسسات التعليم العالي في عقد نظام الجامعات الجديد في غضون العشر السنوات القادمة بدءًا من تاريخ الميلاد هذا العام بإذن الله وحتى 2027م، ويتوافق مع التطبيق المتدرج هذا قراءته قراءة علمية متخصصة رصينة بعد عامين من تطبيقه على أرض الواقع، ومن ثم معالجة ما قد يكون فيه من قصور وخلل ولو يسيراً أثناء التجربة والاختبار . ومن يقرأ قصة «الاعتماد الأكاديمي في جامعاتنا السعودية» ويكون منصفاً للحقيقة، وصادقاً في القيل من منظور وطني صرف، فسينتهي به البحث والتمحيص إلى الطلب نفسه الذي سقته أعلاه، إذ إن هذا الأمر- أعني الاعتماد الأكاديمي المؤسسي- هو مقياس دقيق في نظري لمدى الجاهزية لتطبيق نظام الجامعات الجديد.
شكراً معالي الوزير على منهجية التعزيز المجتمعية هذه في المجتمع الأكاديمي، شكراً مرة أخرى على صدرك الرحب وتقبلك للنقد بكل أريحية وطيب نفس وفتحك باب الحوار والأخذ والرد سعياً لما ننشده جميعاً من خير وإصلاح لبيئتنا التعليمية ويتطلع له ولي الأمر وينتظره منا نحن أسرة التعليم. دمتم بسلام، وتقبلوا صادق الود والسلام.