فهد بن جليد
قبل نحو ثماني سنوات التقيت في مدينة الخبر وعلى هامش مُلتقيات إبداع, ثلاث فتيات هنَّ (رحمة, فاطمة, وفاء) قمن بأول محاولة لإطلاق فريق نسائي للتزلج على السكوتر, الفكرة كانت جريئة نوعاً ما لتثقيف المجتمع النسائي بتلك الرياضة والهواية, الفتيات الثلاث كنَّ مُتحمسات لتشكيل النواة الأولى لهذه الرياضة أو الهواية, المحظور الوحيد الذي واجههن هو توفر مكان مُستقل بعيداً عن الأرصفة وأعين الفضوليين, ويبدو أنَّ فكرة تأسيس أول ناد نسائي للتزلج انتهت عند تلك المحاولة الأولى وفي ذلك المُلتقى, الذي تشرف عليه وتترأسه -أم المُبدعات- إن جاز لنا التعبير الأستاذة نورة الشعبان عضو مجلس الشورى.
اليوم في جدة تحاول الفتاة الجامعية (نديمة) وفريقها الحصول على التصاريح اللازمة لمزاولة ركوب (الدراجات الهوائية), بعد أن تم إيقافهن لعدم وجود تصاريح ممارسة هذه الهواية -بشكل نظامي- بسكلتة يعتبر أول فريق نسائي من نوعه يُشجع السيدات على ركوب الدراجة, ما اختلف خلال ثماني سنوات مُنذ أن أعلنت رحمة والأخريات عن مشروع فريق التزلج, هو ثقافة النساء في الحصول على ما يحتجنه بشكل نظامي, ووفق القنوات الرسمية, كما هو الحال مع نديمه وفريقها (بسكلتة) اللواتي عرفن الطريق الصحيح لنجاح هذه المبادرة والهواية, وكأنَّ المرأة السعودية تحصل على كل ما تريد وتحتاج بشكل طبيعي وبترحاب من المجتمع, وبما يتفق مع الأنظمة, ولعل العنوان الأكبر الذي نعيشه هو (المساواة المرورية بين الجنسين) بتمكين المرأة من الحصول على رخصة قيادة المركبة مثل الرجل, والبدء في ذلك من شوال المقبل.
تجارب النساء ومبادراتهن تزداد يوماً بعد آخر, في كل مرة نشاهد أو نسمع عن كسب المرأة لتحد وجولة جديدة لتمكينها أكثر -لاحظ أنني لم أتحدث عن العمل والتعليم- فهذان المحوران أصبحا من البديهيات التي يتفق جميع أفراد المجتمع حولها تقريباً بعد مشوار طويل من الاختلاف لعقود, ما نتحدث عنه هو التجارب الجديدة والمحاولات غير المألوفة سابقاً, والتي توجب على كل عضو في المجتمع أن يتقبل رأي الآخرين مهما كان مخالفاً لرأيه, ويتفهم حاجات غيره.
أختم بقصة (غلا) التي تركت عملها في شركة للاتصالات بالرياض لتتفرغ لتعليم النساء العزف على العود, من خلال دورات صباحية ومسائية, الفتاة تعلمت العزف عن طريق الإنترنت عندما كان المجتمع لا يتقبل الأمر, أمَّا اليوم فهي تقوم بتنظيم دورات معلنة لتعليم النساء العزف على آلة العود وبتشجيع ممن حولها.. القصة الأخيرة تختصر لك المشهد كاملاً, بعيداً عن تجني بعض المعلقين في وسائل الإعلام الأجنبية على المجتمع السعودي عند الحديث عن المرأة فيه. وعلى دروب الخير نلتقي.