جاسر عبدالعزيز الجاسر
الاستراتيجية الأمريكية الجديدة التي وضعها الرئيس الأمريكي ترامب لمحاربة الإرهاب شخَّصت النظام الإيراني بوصفه راعيًا أول للإرهاب، وحدَّدت الأذرع الإرهابية لهذا النظام الذي يمارس القمع والاضطهاد للشعوب الإيرانية، والتهديد والإرهاب للشعوب المجاورة، وأولها شعوب الدول العربية التي تعاني إرهابًا مزمنًا للنظام الإيراني الذي أُسس وأُنشئ لتنفيذ أجندة طائفية بأدوات راديكالية قمعية، منها إقامة وتأسيس منظومة عسكرية مليشياوية طائفية، هدفها تحصين وحراسة النظام الإيراني وأركانه من ملالي إيراني، وإسباغ القدسية على أفكارهم وإملاءاتهم التي تُعدُّ إحدى بدع العصر الحديث، التي أصبحت منهجًا للطائفيين ممن يقدسون رموز هذا النظام.
الحرس الثوري الإيراني جعلته الاستراتيجية الأمريكية لمواجهة الإرهاب الهدف الرئيس الأول لمعركتها القادمة ضد النظام الإيراني الراعي الأول للإرهاب. والحرس الثوري الإيراني - وحسب دراسة بحثية للمكتب العربي الأوروبي، الذي يرأسه داعية ومرجع من مراجع الشيعة العرب في لبنان - يُصنَّف بوصفه أحد أهم أركان القوة العسكرية للنظام الإيراني، الذي أُنشئ عام 1979 بقيادة المرشد الأعلى الإيراني الخميني، وقد تم تشكيله منذ اللحظات الأولى من أجل المحافظة على الثورة، وردع الأعداء الداخليين والخارجيين الذين يهددون الثورة، إضافة إلى أنه مكلف بحماية الطبيعة والمظاهر الإسلامية لإيران، وكذلك منع التدخل الأجنبي والحركات المنحرفة، ويساعد في التصدي للأزمات المختلفة في البلاد وجميع أعمال الشغب والأذى.
وللحرس الثوري دور ونفوذ استثنائي في إيران، وحضور مميز لا يمكن تجاهله من مختلف النواحي؛ فهو - إلى جانب امتلاكه القوات البرية والجوية والبحرية، وامتلاكه أيضًا جهازًا استخباريًّا خاصًّا به - فإنه يُعتبر صاحب الدور الأهم في التصدي لأية حالة تهدد النظام الإسلامي. وكذلك يبرز دوره في حالات الصراع بين أجنحة النظام، وكذلك في التصدي للتحركات الاحتجاجية والانتفاضات الجماهيرية. وقد كان دوره مشهودًا في انتفاضة عام 2009 للشعب الإيراني التي شكلت وقتها تهديدًا جديًّا للنظام الإسلامي؛ فنزل الحرس الثوري بين الحشود الإيرانية المنتفضة بملابس مدنية، وتمكَّن من إرباك الانتفاضة وإفشالها؛ وبالتالي جعل قادتها تحت الإقامة الجبرية.
وعلى الرغم من كون دور الحرس الثوري ذا طابع عسكري - أمني بصيغة عقائدية لكنه مع ذلك نجح في اختراق الميدان السياسي، وسجل دوره وحضوره الذي لم يعد بالإمكان تجاهله؛ إذ وصل العديد من قادته بعد تقاعدهم أو تسريحهم من الحرس إلى البرلمان الإيراني، وعلي لاريجاني، الذي يشغل منصب رئيس البرلمان، خير مثال على ذلك، إضافة إلى محمود أحمدي نجاد الرئيس السابق. بمعنى أن الحرس الثوري قد تمكن من الوصول إلى رأسَي السلطتَين التشريعية والتنفيذية. هذا فضلاً عن مسؤولين كبار في الوزارات أو مختلف مرافق الدولة؛ وهم بذلك يشكلون قوة سياسية، لها اعتبارها، ولا يمكن الاستهانة بدورها وحضورها.
وقد اخترق الحرس الثوري جميع المؤسسات والوزارات الإيرانية، وأصبح موجودًا ومؤثرًا في كل نواحي الحياة في المجتمع الإيراني؛ ما دفع الكثير من المحللين إلى الجزم بأن النظام الإيراني أصبح يعتمد في بقائه اعتمادًا كليًّا على قوة ونفوذ الحرس الإيراني.