محمد سليمان العنقري
أصدر صندوق النقد الدولي تقريراً عن اداء الاقتصاد السعودي عن النصف الاول من هذا العام وان كان بالمجمل يرى بان الخطوات الاصلاحية اتت بثمار جيدة حتى الان كضبط الانفاق ورفع كفاءته والملاءة المالية القوية، لكنه قدم نصائح عديدة للمرحلة القادمة تستوجب الوقوف عندها والرد الذي يفترض ونأمل ان يقدم من قبل الجهات المعنية بالشأن الاقتصادي وتحديدا برنامج التحول الوطني المتمثلة بوزارة الاقتصاد والتخطيط ومن يشاركها ابرز الملفات فيه كوزارة المالية.
فالصندوق اعتبر انه لا حاجة لتحقيق التوازن المالي «ميزانية بدون عجز» عام 2019م بل اقترح تمديد الفترة الى 2022م وذلك لتخفيف الضغط على الاقتصاد ومنع تحقيق معدلات نمو أعلى او خوفا من الوقوع بركود طويل او عميق، ان هذه النقطة تحديداً تستوجب الرد من قبل وزارة الاقتصاد او المالية حتى لو كانت من باب النصح فلا يمكن ان يكون صندوق النقد اكثر اطلاعاً ومعرفةً من قبل هذه الجهات التي استنفرت طاقاتها لتنفيذ برامج التحول واستعانت بأكبر بيوت الاستشارات عالمياً وكلفت عقودهم المليارات، فهل لم يتوصلوا للنتائج والاثار المترتبة من تطبيق برنامج التوازن المالي واكتشفها الصندوق فقط!! فكيف فات على الصندوق أنه قد ذكر بوثائق وتفاصيل البرنامج كافة الاثار المحتملة بسلبياتها وايجابياتها وتحدث عنها بإسهاب المسؤولون خصوصاً في وزارة المالية باكثر من مناسبة وبإسهاب كبير.
أما حديث الصندوق عن التدرج برفع الدعم خوفا من التأثير على الانفاق والاستهلاك ودور الفرد والقطاع الخاص فيه فهو ليس بجديد، اذ ذكر كثيرا من اطراف عديدة بل ان الجهات الحكومية المعنية بملف التحول قالت انها تراجع تفاصيل البرنامج دائما ولا تنفذ اي خطوة او مرحلة فيه الا بعد دراسة وتأن كبير، وما برنامج حساب المواطن او برنامج دعم القطاع الخاص الا لمواجهة الاثار السلبية لرفع الدعم وهيكلة الرسوم وما الذهاب ايضا برنامج التحول 2 إلا تأكيد على المرونة التي يتحلى بها البرنامج بل الرؤية خصوصا انه في بداية التحوط من انخفاض اسعار النفط عندما تم ايقاف البدلات تمت اعادتها بمجرد انتهاء المخاوف التي كانت مقلقة من حالة اسواق النفط، اما طلبه مراجعة حجم الرواتب الحكومية الاجمالية بالميزانية التي تشكل 45 % فغير مفهوم ماذا يقصد الصندوق لكن المستغرب انه لم يذكر بان ذلك ستتم معالجته ببرامج الخصخصة عند نقل العديد من الاعمال للقطاع الخاص وكذلك برامج التقاعد اي ان معالجتها مذكورة فماذا كان يدرس الصندوق وما الذي اطلع عليه من تفاصيل اساساً معلنة عن الرؤية ومبادرات التحول الوطني.
تقرير الصندوق لا يعكس قراءة دقيقة منه لبرامج التحول والخطوات المنفذة او التي ستنفذ وعدم الود عليه يترك انطباعاً معنوياً حذراً لا يخدم توجهات الاقتصاد بجذب الاستثمارات خصوصاً بالفترة الراهنة او المستقبلية حتى نهاية برنامج التحول، كما انه يطرح نصائحه بطريقة مستغربة خصوصاً ان الجهات الوزارية المعنية بالتحول وبرامجه هي الاكثر معرفة وقدرة على ترتيب الاولويات من خلال اداراتها وكوادرها وما حصلت عليه من استشارات ضخمة يفترض انها درست كل الاحتمالات والسيناريوهات والاثار المترتبة من برامج التحول بسلبياتها وايجابياتها وكيفية تعظيم الايجابيات وتخفيف اثار السلبيات من خلال حزم التحفيز التي اعدتها واعلنت عنها.