«الجزيرة» - عبدالعزيز بن سعود المتعب:
(رأي) مساحة
عبر صفحات الأدب الشعبي في صحيفة «الجزيرة» نُوثِّق من خلالها آراء الأدباء والمثقفين والمتخصصين في كل ما له صلة بالأدب الشعبي.
من المسلم به أنه توجد لدى كل أمة من الأمم لغة رسمية ولهجات محكية، ومهما ارتفع مستوى التعليم لدى الأمة فإن نسبة عالية من أبنائها تظل تستخدم العامية لا كأداة للتخاطب فحسب، بل أيضاً كوسيلة للتعبير الفني والأدبي من أشعار وأمثال وحكايات تناقلها الناس مشافهة ويعني بجمعها ودراستها علماء اللغة والنفس والاجتماع والفلكلور إذا كانت جميع الأمم تستطيع التعايش مع عدة مستويات لغوية وأدبية، فلماذا يعتقد البعض أن الأمة العربية عاجزة عن ذلك؟.
إن اللهجات والآداب الشعبية التي نطالب بدراستها أمر قائم وواقع معاش لا مناص منه ولا محيص عنه، ودراستها ليست هي السبب في وجودها وإنما هي تأتي نتيجة لوجودها.
دراسة اللهجات والآداب الشعبية دراسة أكاديمية مقننة تكاد تكون معدومة عندنا ولا يوجد لدينا أكاديميون متخصصون في هذا الحقل حتى الآن ومع ذلك فإن العرب تتكلم العامية منذ فجر الإسلام.
وحينما يتكلم علماؤنا الأوائل عن أسباب تفشي اللحن، فإنهم لم يعزوا ذلك إلى دراسة العامية وإنما إلى ظروف اجتماعية وثقافية وسياسية مثل اتساع رقعة الإسلام ومخالطة العرب لغيرهم من الأمم الأخرى.
ولقد وجدت العاميات إلى جانب الفصحى طوال حياة اللغة العربية منذ فجر الإسلام مروراً بالعصر الذهبي عصر ازدهار العربية وآدابها، ثم عصور الانحطاط أحلك عصور العربية. ومع ذلك لم تتغلب العاميات على الفصحى ولم تقض عليها. بل لقد ازدهر الأدب الشعبي إلى جانب الأدب الفصيح وأصبحا متداخلين متشابكين في مفهومهما وفي مادتهما ولا يمكن النظر إلى كل منهما بمعزل عن الآخر أو اعتبار أيٍّ منهما يشكل خطراً على الآخر.