«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
فيما مضى من زمن لم يكن أحد يعرف ما يدور خلف جدران القصور والبيوت او حتى الشقق أو أماكن العمل. اللهم من يقيمون فيها او يعملون بداخلها، ونادراً ما يعرف جيران هذا القصر أو ذاك البيت لون ونوع أثاث صالة الاستقبال أو نوع طاولة الطعام، فهل هي مستوردة وتحمل علامة تجارية شهيرة أم أنها صناعة محلية؟. كان لا يتاح معرفة ذلك من خلال الأقارب أو المعارف أو نتيجة لزيارة في مناسبة ما. اليوم ما خلف الأسوار لم يعد فيها الأسرار، فالبركة فيما تنقله لنا أفلام ومقاطع الفيديو والسناب شات وصولاً للواتساب وحتى التغريدات المختلفة. وكان فيما مضى وفي أغلب الأحيان من الصعب علينا معرفة أي شيء عن شكل التفاصيل الدقيقة لديكور قصور ومنازل البعض أو ما يقتنونه من تحف ولوحات واكسسوارات ثمينة، وربما تمضي عقود ولا أحد من معارفهم أو حتى أقاربهم أو زملاء العمل كان يستطيع إلى وقت قريب أن يباهي بأنه يعرف ولو الشيء البسيط عن ذلك.
اليوم تسربت العديد من المعلومات عما يدور خلف الأسوار خصوصاً مع تواجد العاملات المنزليات والسائقين والخدم داخل مجتمعنا. وكل واحد يملك هاتفا ذكيا وربما أكثر. يصور فيه كيفما شاء بل هناك من التقط له صوراً وأرسلها في ذات اللحظة إلى معارفه وأصدقائه داخل المنطقة وحتى إلى أفراد أسرته في وطنه. ويا غافل لك الله. هكذا قال لي أحد زملاء العمل السابقين، والذي التقيته في مطار الملك فهد بالدمام ليطمئن على سفر «عاملته المنزلية» التي شاهدتها زوجته وهي تلتقط لنفسها صورا داخل غرفة نومهما. والأمر الغريب والمدهش والمثير في ذات الوقت أنها كانت ترتدي احد قمصان النوم لزوجته. مستغلة غيابها عن البيت لحضورها مناسبة زواج. الى هنا تنتهي رواية زميل العمل السابق وحكاية تصرف عاملته المنزلية والتي لم يمض على وجودها لديهم أكثر من عام. والحق أن ما حدث داخل بيت هذا الزميل بات يحدث في العديد من بيوتنا على اختلاف مستوياتها. وأمرنا لله وكم كشفت «كاميرات المراقبة» السرية التي زرعها البعض في قصورهم وبيوتهم من أشياء وتصرفات لم تكن تخطر على بال سكانها نظرا لثقتهم واطمئنانهم لمن يعملون معهم. والمشكلة أن البعض من الأبناء والبنات ومع وجود الهواتف في أياديهم باتوا يشاركون أيضا بدون قصد عن كشف جوانب خفية عن واقع ومكانة بيوتهم وما فيها من أشياء ثمينة تسيل لعاب اللصوص. وربما رصد بعضهم ما شاهدوه عن بيت أحدهم ومن خلال متابعتهم لما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعية. وبعدها اقتحموه.. وبين فترة وأخرى تنشر صحف عالمية أخبار سطو لقصور وبيوت وشقق مشاهير في دول مختلفة. وحدث ذلك نتيجة ان صاحب القصر أو حتى البيت صور نفسه خلال إجازته أو أنه خارج مدينته أو وطنه. فما هي إلا لحظات وإذا باللصوص قادمين إلى منازلهم حاملين منها ما خف حمله وارتفع ثمنه. ومن هنا يحذر رجال الأمن في العالم الجميع بعدم إشعار الآخرين بالسفر أو الغياب أو حتى نشر صور تصور ما في قصرك أو منزلك العامر.. ففي كل مكان هناك فئة من اللصوص الجاهزين للاقتحام والسطو!.