حميد بن عوض العنزي
يبقى ملف البطالة أكثر وأهم الملفات حساسية، سواء على مستوى المعالجة فيما يخص الخطط والبرامج التي تقدمها الجهات الرسمية، أو فيما يخص المبادرات التي تقدم في هذا الملف، أو التعاطي الإعلامي معه.
الخطط والبرامج والتشريعات معنية بها في المقام الأول وزارة العمل بوصفها جهة اختصاص في كل ما يتعلق بسوق العمل, أما المبادرات فهي غالبًا مشتركة بين أكثر من جهة، كالغرف التجارية، والجهات المرخص لها، مثل مكاتب التوظيف الأهلية، والمبادرات التي تكون تحت مظلة جهات تعليمية، مثل الجامعات والمعاهد. ما تم ملاحظته مؤخرًا من محاولة استغلال ملف البطالة، وتسويق قضيتها للتكسب المادي.. واللعب على وتر العاطفة أمام الجمهور المستهدف، يشكِّل إحباطًا لدى العاطلين، ولاسيما أن طالب العمل كالغريق الذي يتشبث بالقشة.
ولهذا فإن على وزارة العمل أن تتنبه لبعض المبادرات الفردية التي تعتمد على «البهرجة الإعلامية»، وتقدَّم على أنها عمل مجتمعي تطوعي في ظاهرها، بينما تنطوي في تفاصيلها على مشهد واضح لبعض الفئات التي تقتات من هذه القضية.
أظن أنه من غير اللائق أن تتبنى الوزارة مثل هذه المبادرات، كما يجب عليها في هذا الملف تحديدًا أن تكون أكثر بُعدًا عن تحقيق المكاسب الإعلامية، وأن تركز على المعالجات الواقعية التي تعكس فعليًّا جهود الوزارة في معالجة قضية البطالة.
إن وصول أيادي الانتهازيين إلى ملف البطالة سيكون له انعكاسات سلبية على ثقة الباحثين عن العمل، خاصة إذا ما وجدوا أنفسهم مجرد رقم يتم التلاعب به تسويقيًّا، والتكسب من خلال المتاجرة بقضيتهم. ومن الغريب حقًّا أن وزارة بحجم العمل تعي بشكل واضح ما آلت إليه نِسب البطالة، وتتجه في الوقت نفسه نحو بناء بعض مبادراتها بالشراكة مع أفراد، دون الركون إلى خطط وآليات العمل التي تقرها بالتعاون مع جيش من الموظفين والمستشارين، إضافة إلى الدراسات والأبحاث التي يتم إعدادها عن طريق بيوت الخبرة..؟!
لا شك في أن مبادرات «البهرجة» لا تمثل السياسات التي عُرفت عن معالي الوزير د. علي الغفيص، والتي تقوم على العمل المؤسسي الجاد والمثمر. ونحن على ثقة بأن معاليه قادر على إيقاف أي عملية «تسلل» تجاه استغلال ملف البطالة.