نادية السالمي
في عهد كانت القبيلة فيه الحاكمة والمشرّعة كانت « المرأة «أداة المصاهرة والوصل بين القبائل والعشائر لزيادة قوة القبيلة وصلابة قبضتها، وهذا الدور المنوط بالمرأة انتهى حين ذابت القبيلة في الدولة، وأصبحت الدولة الحاكمة بأمر دستورها لا بأمر القبيلة وما تقتضيه عاداتها!.
الشعب ينتمي للدولة والدولة تنتمي للشعب ويذوب الجميع في كيان موحد، من المفترض فيه أن تتخلّف عنه مصطلحات لا أصل لها في مفهوم الدولة الحديثة مثل مجنس، أصلي، حضري وبدوي، وفي حال تشبثّها _وليس لتشبثها إلا الرغبة العارمة لزعزعة تماسك السلم الاجتماعي_ يجب إعادة النظر في الوعي الحقوقي للمواطن لأنه على ما يبدو في هذه الحالة ضعيف لا يقوى على إدراك ماله وما عليه لذا خلق وعي حقوقي يصون خيارات الإنسان وحقوقه واجب بموجب قانون يقف الجميع على حد سواء أمامه.
القبيلة في الدولة الحديثة:
يجب أن تصحو من نومها لتدرك أنها في حقبة زمنية مختلفة لا سيادة لشيخها أمام الدولة، ولا تسود فيها عقلية الأكثرية والأقلية، والأقوى والأضعف التي تضر بالسلم الاجتماعي ومستلزمات الوحدة الوطنية، يجب أن تعي القبيلة دورها الحقيقي في انخراطها في المجتمع مع كامل أطيافه ومتطلباته، فتدرك أن دور الوصاية على المرأة انتهى، فالمرأة ببلوغها سن معين تعرف كيف ترسم خريطة مستقبلها ومن حقها أن تختار مع من تكمل حياتها، ودور والدها أو من يليه ينتهي عند إيضاح رأيه فمن حقه أن لا يرغب بمصاهرة فلان ولكن ليس من حقه إجبار الجميع على تقبل رأيه والعمل بمقتضاه.وإجبار المرأة على ما لا تريده سوء فهم لحقها وحريتها، وله مدلول مستقبلي على «زعامة» في عقل القبيلة الباطني فمازالت تظن أن لها الأمر والنهي، وهذا قد يعرقل مسيرة الدولة المدنية التي تقر الحريات في إطار ماتُشرّعه من قانون!
كل أب وأي رحيم بفلذات أكباده يُحب أن تتزوج ابنته مايعتقد بأنه الكفء ماديًا واجتماعيًا ولكن إذا لم يوجد، ولم يتقدم لها، أو لم ترغب به المرأة هل تُهمل وتُترك ويضيع حقها في الحياة وفي صناعة بيت وأسرة؟!.
الحق أحق أن يتبع هذا ماتعلمناه وطالما تقدم لها من لا يُعاب خلقه فالقرار لها، ورجل القبيلة الذي يفترش الأرض ويحشد الاعتصامات ويجمع الأصوات لحسم الفراق بين رجل وامرأة تزوجا على سنة الله ورسوله يجب أن يعرف حدوده ويقف قبل أن تغرقنا أوهامه بالزعامة والريادة المنتهية صلاحيتها!.
رجل القبيلة صاحب أنصاف المبادئ:
يكون من أنصار المساواة ويرى أن للمرأة حق الاختيار بمايتوافق مع رغباتها لكنه لا يشارك في الحراك معها وحماسه النظري بداعي الخوف من المجتمع، والخوف من دور المرأة.
خوفه من المجتمع لأنه لا يستطيع الوقوف بمفرده أمام هذا السيل الذي سيتهمه في رجولته لا محالة، وليس أمامه لإثبات العكس إلا التسلط على المرأة، أو الصمت في انتظار الغلبة لمن ستكون!. أما خوفه من المرأة فيعزو إلى عدم تحرره بعد من دور الولي عليها فيتشبث به الخوف من خروجها عن سيطرته فتنافسه وقد تتغلب عليه فيما ألِف المجتمع تفوقه فيه.
المرأة صاحبة أنصاف المبادئ في القبيلة:
مازالت تظن أنها مميزة على غيرها فقط لانتمائها لهذه القبيلة أو تلك العشيرة، وقد لا تشعر بهذا الانحدار ولكنها حتما مدركة أن لها حقًا يجب أن يؤخذ ولا بأس أن تقطفه من الأخريات إذا حصلنا عليه لتستمتع به وتستفيد بعد أن كانت متكاسلة عن طلب حقها أو خائفة ولربما أخذت تشك بكل مسعى لنيل الحقوق وتتهم الغير متوافقة معها بالخيانة أو الجهل.
عزيزتي القبيلة:
الشكر لك من قبل ومن بعد، ومازلنا ننظر إليك بوقار ونتطلع لدور ريادي تقومين به لا يخل بالحقوق، ولا يعطل السلم الاجتماعي ولا يمس كيان الدولة كإغاثة أرامل القبيلة واليتامى، ونأمل أن تتوسع أفكارك لجمع المال لطالب العلم والمريض، وهذا خير من جمعه لمن اتخذ سفك الدماء أسلوب حياة وشريعة رجولة، والشكر موصول لرجل وامرأة في القبيلة تجنبا أنصاف المبادئ.