الثقافية - محمد المرزوقي:
صدر حديثاً للدكتور عبدالله بن محمد الغذامي، عن المركز الثقافي العربي، كتاب نقدي بعنوان: «الجنوسة النسقية: أسئلة في الثقافة والنظرية»، متضمناً ستة فصول، جاء الأول منها بعنوان: الزواج السري: الجنوسية النسقية؛ فيما وسم المؤلف ثاني فصول الكتاب بعنوان: معوقات النهضة في نقد النسق الثقافي؛ فيما جعل الغذامي ثالث فصول إصداره عن: سيمياء المفاهيم/ النظرية بوصفها إشارة حرة، بينما جاء الفصل الرابع عن: النظرية بوصفها (امرأة)، فيما استقرأ الكاتب في خامس فصول إصداره (المرأة المسرودة: نموذجان من الحكاية والرواية، ليجيب الغذامي في سادس فصول كتابه عن سؤال جوهري ومرحلي في مسيرة النقد الذي جعله وسما لعنوان هذا الفصل، بعنوان: لماذا النقد الثقافي..؟!
يقول الغذامي في سياق حديثه عن الجنوسة: تأتي من حيث أصلها لتعني الفروق الطبيعية والواقعية بين الجنسين، الذكر والأنثى، في الإحالات اللغوية وفي الخصائص البشرية، غير أن الثقافة تجنح لصناعة فروق ثقافية وظيفية، ومن هنا يأتي مصطلح الجنوسة النسقية، ليلامس النسقية الثقافية ببعدها الطبقي الذي يجعل الفروق الطبيعية فروقاً في خاصية نسوية إلى سمة أنثوية حين مقارنتها بالمختلف عنها ذكوريا، وتظل هذه المقارنة التعسفية تتحكم في صيغ الاستقبال الثقافي، وتتعزِّز فلسفياً، كما هو حال جمهورية أفلاطون، وهو أول قانون فلسفي يطرد المرأة من جمهورية الرجال، كما يأتي الشعر ليجعل المرأة جسداً فاتناً كأنما خلقت للرجل إسعاداً أو إشقاءً، وتتبعه الصيغ الثقافية في الحكايات والأمثال والنكتة! وهذا عزَّز المعنى الطبقي وجعل الجنوسة نسقية ثقافيةّ، وهو ما تدور حوله بحوث هذا الكتاب.
إن كان الفصل الأول ركز على هذه النقطة تحديداً، فإن بقية الفصول تدور - أيضاً - حول أسئلة في الأبعاد النظرية والمعرفية لهذه النسقيات المفاهيمية، وما استتبعها من تطويع للتصورات الثقافية، لتصبح مفاهيم في الانحياز الذي يولّد بعضه بعضاً في سيرة متصلة في عالم الأفكار.. وعالم التصورات الذهنية.