سمر المقرن
أحزنني جداً ما قرأته من تخوين بعض أعضاء مجلس الشورى لبعضهم الآخر، ما وصل إلى حد إلقاء التهم بالتآمر والتشكيك بالنوايا، بل والمطالبة بالمحاسبة على هذه النوايا والاستعداء على أصحابها. مع أنّ مجلس الشورى يُفترض أن يكون نموذجاً للرأي والرأي الآخر، من خلال الخلطة الفكرية ما بين أعضائه واختلافاتهم ما يخلق أجواء مهمة لإيجاد الاختلاف بأرقى صوره، فيما يأتي سلوك التخوين لخنق الرأي الآخر تماماً كما يحدث في مواقع التواصل الاجتماعي، مع الفارق أنّ مجلس الشورى يفترض أنه الجهة «الأنضج» في تقبُّل الآراء المخالفة، كونه يُمثل كافة شرائح المجتمع، ومحاولة التشكيك بالمخالف هي تحمل فكرة إلغاء الآخر وهذا مؤشر خطير في الاتجاهات السلوكية والفكرية لقبّة الشورى!
أعتقد أنّ عملية (التخوين) هي الأرخص والأكثر ابتذالاً في أساليب التعبير عن الخصومة، وهذا السجال الذي وصل إلى هذه المرحلة تحت قبة الشورى لا أراه صحياً بالمطلق، فنحن نحتاج إلى الاختلاف والمعارك الفكرية البنّاءة التي تخرج بعمل إيجابي ينفع الجميع، لا كلام بهذا القدر من عدم المسؤولية ما يخلق صورة سلبية عن المجلس، والغريب أنّ من هؤلاء الأعضاء من يرفع طبقة صوته غاضباً بسبب تشويه سمعة مجلس الشورى، مع العلم أنّ هذه السلوكيات وهذا النهج هو ما يسيء إلى سمعة المجلس، لذا من المهم أن ينظر العضو إلى نفسه أولاً وأسلوبه وكلمته المسؤول عنها، لأنها هي التي تسيء إلى سمعة المجلس أكثر من تسريبات أو أوراق داخل الأدراج خرجت إلى وسائل الإعلام، مع العلم أنّ كثيراً منها مجرّد حشو لا يفيد القارئ، بقدر ما يستفيد من النقاش والدراسات والمداخلات البنّاءة التي يعرضها المجلس.
سنوات طويلة وأنا أتابع أنشطة مجلس الشورى، وأنظر بإعجاب إلى اللغة الراقية في التعبير عن الاختلاف، لذا أتوقع أنّ هذه اللغة الجديدة هي لغة وافدة من «تويتر»، من هنا أتمنى على هذه الفئة من الأعضاء الابتعاد عن هذه اللغة في النقاش، طالما تأثيراته السلبية وصلت إلى هذا الحد، وجعلت اللغة تتدنى إلى هذه المرحلة. ولعلِّي هنا أذكِّر بقيم التسامح المهم تطبيقها وإعادة النظر إلى العمق الإنساني في قبول الآخر، نتيجة ارتفاع هذه القيمة داخل كل إنسان، وهي الكفيلة بإزالة رواسب التعصُّب والتشنُّج، وأن يكون الاختلاف للبناء لا للهدم وإقصاء الآخر!