هالة الناصر
يبدو أن وسائل التواصل الاجتماعي قللت كثيراً من هيبة ودور وأهمية الإعلام وبالذات في ما يسمى بالإعلام التقليدي، حيث لا زال رواد الإعلام وقادته وشركاته الإعلامية الكبرى يعدون الدراسة تلو الدراسة والخطة تلو الخطة لاستعادة المشهد الإعلامي من صحافة المواطن إلى صحافتهم المؤسسية التي كانت تدير العالم وتتحكم برسم المواقف وتؤثر في جميع القرارات على كافة الأصعدة، يبدو أن مرحلة عنق الزجاجة التي يمر فيها وضع الإعلام في العالم كله ستتمخض عن نتائج غير متوقعة لجميع الأطراف، سواء تلك الشركات الكبرى التي تضخ المليارات كاستثمارات في مجال الإعلام أو تلك الجهات التي تتعامل مع الإعلام كصديق وداعم لها أو كعدو ومحارب لها، وسائل الإعلام التقليدي في العالم كله لديها شعور داخلي بأن ما يحدث مجرد زوبعة مؤقتة ستتلاشى بعد أن يهدأ ضجيج الناس واندفاعهم تجاه صحافة المواطن التي أوجدتها وسائل التواصل الاجتماعي، هذا الشعور ربما يكون حقيقيا لدى المهنيين في المجال الإعلامي، أولئك الموهوبون الذين يثقون بحدسهم وشعورهم بأن الكادر البشري المؤهل سيظل مطلوبا وله قيمته في أيّ مهنة وليس فقط في الإعلام، لسبب بسيط ومهم وهو أن صحافة المواطن تفتقد إلى الدقة تلك التي تضرب في المصداقية وهي رأس مال الإعلام الحقيقي وأهم أسباب نجاحه، وهو ما يجب أن تلعب عليه وسائل الإعلام التقليدي وتطوره عبر محتواها وتعتبره مرتكز حملتها الإعلامية ضد صحافة المواطن التي تبدو مرتبكة وغير مسؤولة وتحمل الكثير من التسطيح، حملة (لا تجعلوا الحمقى مشاهير) التي قادتها مؤسسات اجتماعية عالمية لم تدعمها المنصات العالمية الكبرى وتركت كرسالة يتم تداولها في محيط وسائل الإعلام الجديد فقط، لا أمل يلوح في الأفق لعودة وقوف الإعلام التقليدي على قدميه نظرا لتسارع المشهد الإعلامي ووجود أجيال جديدة لا تشاهد حتى التلفزيون إلا عبر مقاطع يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خطورة انتصار صحافة المواطن على المجتمعات تجعل جميع الجهات الرسمية أو غير الرسمية في العالم تدعم وتقف مع الإعلام التقليدي إن أرادت حماية المجتمع من التسطيح والفراغ الإنساني الذي جعل الأجيال الجديدة تفقد الكثير من الروح والعمق والأنسنة.