خالد بن حمد المالك
لم تكن زيارة الملك سلمان لروسيا الاتحادية زيارة بروتكولية أو زيارة مجاملة أو حتى زيارة رسمية معتادة كما هي في زيارة زعماء دول العالم فيما بينهم، وإنما كانت زيارة دولة لروسيا بمعناها العميق، وكانت زيارة إنجازات وتطلعات للغد الأفضل، فقد أنجز فيها في فترة زمنية قصيرة ما كان يحتاج إلى سنوات، وكل هذا بفضل التحضير الجيد الذي قاده ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في ثلاث زيارات متتالية قام بها لروسيا واجتمع خلالها بالرئيس ورئيس الوزراء والوزراء والقيادات المؤثرة في صنع القرار هناك.
* *
فمع انطلاق أعمال منتدى الاستثمار السعودي - الروسي - تحت عنوان: (الاستثمار نحو بناء شراكة قوية) قال وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفان إن الزيارة التاريخية للملك سلمان تتيح الفرصة لدعم علاقات الشراكة الدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين ورفعها إلى مستويات أرحب، مشيراً إلى وجود العديد من الشراكات بين رجال الأعمال الروس والسعوديين، ولكن على هذا المؤتمر أن يخرج بتوافق على رفع مستوى هذه الشراكات وتوسيعها وتفعيلها من خلال عقد اتفاقيات تعاون مثمرة بشكل يزيد من حجم العلاقات الثنائية بين البلدين نحو الأفضل، وأوضح الوزير الروسي بأن مجالات التعاون تسير وفق المخطط له وتتنوع في قطاعات الصناعة والصحة والبنية التحتية والزراعة والسياحة والتقنية والطاقة النووية وتحلية المياه، بالإضافة إلى التعاون في مجالي النفط والغاز، وأن هناك سعيا لتنفيذ 25 مشروعاً اقتصادياً مشتركاً.
* *
وكانت الثقافة السعودية حاضرة بقوة في هذه الزيارة، حيث تم خلالها إقامة أسبوع ثقافي، وقد عد وزير الثقافة والإعلام الدكتور عواد بن صالح العواد الثقافة على أنها أحد العناصر الأساسية لدعم الشراكات بين الدول ونشر المعرفة وتبادل التجارب والخبرات، وهو ما يمنح الحوار والتبادل الثقافي مجالا أرحب للتفاعل والتأثير الإيجابي بين الشعوب، وهذا الأسبوع الثقافي الذي لقي حضوراً كبيراً من المواطنين الروس يحتوي على معرض للفنون البصرية، يضم مجموعة من الأعمال الفنية والتشكيلية والصور الضوئية والمنحوتات الجمالية التي تعكس الإبداع والحركة الفنية السعودية، كما شاركت فرق موسيقية تمثل نماذج من الإيقاع الموسيقي والأداء الفني للأغنية السعودية، وأضاف الوزير العواد بأن الأسبوع الثقافي يضم عروضاً فلكلورية من التراث السعودي، ومشاركة بتجارب الواقع الافتراضي من خلال فيديو الأبعاد الثلاثة الذي ينقل الزائر إلى المملكة، ويمكنه من مشاهدة الأماكن التراثية والسياحية في المملكة.
* *
أي أننا في أسبوع ثقافي خلال زيارة غير عادية، صاحبها تعريف ثقافي وإعلامي بالمملكة، ونقل للصورة الحقيقية عنها، وإبرام عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، والحوار العلمي بين الخبراء في كلا البلدين، وتقريب المسافات ووجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، والأهم أن الملك سلمان عاد إلى الرياض بعد أن وضع العلاقات السعودية - الروسية في الطريق الصحيح، وبعد أن حقق الأهداف التي سعى إليها في زيارته لروسيا، ولم يكن هذا هو انطباع السعوديين فقط، وإنما كان هذا انطباع الروس أيضاً، فقد أظهرت الزيارة أن هناك حاجة إلى تطوير مستوى العلاقات بين بلدينا، وأن فرص التعاون الممكن تحقيقها بيننا كثيرة ومهمة، وهذا ما يمكن اختصاره عند الحديث عن الزيارة، وما تم إنجازه فيها، لكن الفرص المستقبلية لفتح آفاق أخرى للتعاون ستبقى الشغل الشاغل لقيادة البلدين الصديقين، إذ إن النتائج التي تحققت في هذه الزيارة تأذن للجانبين وتشجع بفتح المجالات الأخرى المتاحة للتعاون فيما بين الرياض وموسكو.
(انتهت)