ياسر صالح البهيجان
لم تعد الأسواق والصيدليات وحدها من يعرض مستحضرات التجميل، ثمة سوق إلكترونيّة موازية تنتشر في شبكات التواصل الاجتماعي، تستعرض عديداً من المنتجات مجهولة المصدر، وتسوّق لها في العلن، وتسببت بكثير من الأضرار الجسيمة على المستهلكين، وغالبيتهم من النساء.
هيئة الغذاء والدواء تتجه عادة إلى فحص المنتجات المطروحة في الأسواق الرسميّة، وهو جهد تستحق الإشادة عليه، إلا أنها تغفل عن السوق السوداء والذي يبيع بكميّات أكبر ودون رقابة صارمة، خصوصًا وأن هناك مستحضرات تجميلية ليست مستوردة، وإنما يجري تصنيعها في داخل المملكة وفي أماكن غير صحيّة، ما يفرض ضرورة تخصيص فرق رصد وضبط لذلك النوع من المتاجر الإلكترونيّة إن أرادت الهيئة الحد من انتشار المستحضرات الضارّة، وحماية المستهلكين من تبعاتها المأساويّة.
لا شك بأن الوعي الاستهلاكي لدى السكّان يمثل حجر الزاوية في مكافحة المنتجات مجهولة المصدر وغير المرخص لها، إلا أن ذلك الوعي لا ينشأ من فراغ، وإنما بمضاعفة الحملات التوعويّة وإشراك المؤسسات التعليمية للتأكيد على خطر الاتجاه للمتاجر الجائلة في الفضاء الإلكتروني، فضلاً عن وضع عقوبات مغلظة على أولئك المشتغلين في مثل هذه الأنشطة المحظورة.
المملكة على أعتاب تحولات كبرى في القطاع الصحي بغية تنظيمه وإعادة هيكلته، ومستحضرات التجميل تأتي ضمن أولويات الاهتمام بهذا القطاع، إذا ما علمنا بأن الإحصاءات الصادرة من مصلحة الجمارك العامة تؤكد تجاوز قيمة واردات السعودية من مستحضرات التجميل في عام واحد 2.3 مليار ريال، بكميات بلغت نحو 44.6 مليون كيلوغرام، فيما أشارت تقارير اقتصادية أخرى أن حجم اقتصاديات سوق مستحضرات التجميل في المملكة يعادل 60 مليار ريال سنوياً.
وبما أن المرأة السعوديّة تُعد من أكثر نساء العالم أنفاقًا على مستحضرات التجميل، فإن ذلك يعني ضرورة العمل على حمايتها من الآثار السلبية الناتجة عن تلك المستحضرات، ليس بالتوعية فحسب، وإنما بتضافر جهود الجهات الرقابية والتشريعية لفرض آليّات تنظيمية أكثر ضبطًا للحالة العشوائيّة الراهنة، والاتجاه لاستيعاب الأسواق الإلكترونية وإعادة تأهيلها في ظل تنامي معدلات الشراء فيها، وتحديد قوائم للمحال المخوّل لها بيع المستحضرات عبر منصّة يسهل على المشتري التحقق من أهليتها والاستعلام عن مدى سريان تراخيصها.
نعم، المسؤوليّة كبرى على عاتق هيئة الغذاء والدواء، ولكنها تحظى بدعم كامل من القيادة الحكيمة، لذا هي مطالبة بمضاعفة الجهود ومسابقة الزمن للقضاء على المنتجات التجميلية الضارة، أو على أقل تقدير التقليل من انتشارها الفوضوي في فضاء الإنترنت.