«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
الأسبوع الماضي شاهدتُ «فديو» لعيد ميلاد ابنة أحد المعارف الأعزاء وسط حضور لافت من قريناتها وقريباتها ومجموعة من أطفال أسرتها، وبعد أن أطفأتْ الشموع الثلاث قُدِّمتْ لها الهدايا، ولاحظتُ فيما لاحظتُ في المشهد أنها اهتمتْ كثيراً بهدية خالتها، والتي كانت عبارة عن «دمية» لفتاة شهيرة على مستوى العالم، رغم تعدد الهدايا المقدمة لها من قريباتها. ورغم أنني ومثل غيري نعرف ومنذ كنا صغاراً اهتمام البنات بالدمى واللعب بها أكثر من اهتمامهن بألعاب أخرى عكس الأولاد، قررت اليوم أن تكون إطلالته عن اهتمام البنات بالدمى لماذا؟ تساؤل لا شك أنه مشروع ويدور عادة في أذهان الجميع ومنذ القدم.
لذلك ازدهرت صناعة مختلف أنواع الدمى في العالم، وبالطبع الأكثر إنتاجاً لهذه النوعية من الدمى هي دول شرق آسيا وعلى الأخص الصين واليابان والكوريتين، إضافة إلى الهند وإندونيسيا إلخ. وفي السنوات الأخيرة بدأ توجه خطوط الإنتاج في المصانع لإنتاج دمى ذات طابع إسلامي بالحجاب!؟ ولا شك أن هذا الاهتمام بصناعة وتسويق الدمى يعود للإقبال الكبير عليها من قبل الأسر على مستوى العالم.
هذا، ولقد نشرت صحيفة «الديلي ميل» دراسة مختصرة عن اهتمام البنات بالدمى، جاء فيه.. وبعد أن تم اختيار مجموعة من الأولاد والبنات الرضع وعرض أمامهم العديد من الألعاب المتنوعة كان اهتمام البنات منصباً على الدمى، أما الأولاد فكان اهتمامهم مركَّزاً على السيارات وألعاب أخرى. وكانت الدراسة التي أجراها علماء النفس كل من الدكتور بريندا تود وسارة أمالي وأوتول ثومسن من جامعة سيتي لندن وشملت التجربة 90 رضيعاً تتراوح أعمارهم بين تسعة أشهر و36 شهراً، وكان قد وسمح للرضع بالاختيار من بين سبعة ألعاب، كانت بعض الألعاب النمطية للأولاد - سيارة، حفار، كرة ودمية زرقاء، وكانت البقية النمطية للبنات: دمية ومجموعة الطبخ.. إلخ.. ولقد تم تسجيل الوقت الذي استغرق فيه الأطفال الرضع اختيارهم للألعاب بعدما وُضع الرضع بعيداً عن الألعاب وملاحظة ما يبدر منهم تجاه الألعاب التي أمامهم، وكانت المسافة خلال التجربة تبعد متراً من اللعبة، وكانت ومن بين الأطفال الأصغر سناً (9 إلى 14 شهراً) قضت البنات وقتاً أطول بكثير في اللعب مع الدمية من الأولاد، وأمضى الأولاد وقتاً أطول بكثير مع السيارة والكرة من الفتيات.
ومن بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين وثلاث سنوات، أمضت الفتيات 50 في الائة من الوقت في اللعب مع الدمية، بينما لم يتطرق إليها سوى ولدين لفترة وجيزة. وقدم الباحثون دراستهم في المؤتمر السنوي للجمعية النفسية البريطانية. ونخلص من هذه الدراسة النفسية والمهمة إلى أن هناك أساساً بيولوجياً لخياراتهم.
ومن الطُرف أن مئات من البنات كن يحرصن في الماضي على التصوير مع لعبهن من الدمى (الصورة المرفقة لشقيقتين مع دميتيهما قبل مئة عام وأكثر)، كذلك قام مشاهير الرسامين في القرن الثامن عشر والتاسع عشر حتى ما بعد ذلك برسم بعض الفتيات مع الدمى، وتزخر كتب الفن الوثائقية بصور للوحات عديدة تجسد ذلك.
وهنا لوحة للفنان الألماني «جوهان جورج مايرر» لطفلة تحمل بحب دميتها المصنوعة من القطن والقماش، تذكرنا بما كانت تصنعه بعض جداتنا من دمى لحفيداتهن ليلعبن بها في «البروج» المكان المخصص عندهن للعب داخل إحدى غرف البيت. ولقد عثر علماء الآثار على بعض بقايا من الدمى القديمة جداً وكانت مهترئة كونها مصنوعة من مواد بسيطة لكن هذه اليقايا من الدمى أو العرائس القماشية أو حتى المصنوعة من جذوع الأشجار تؤكد الاهتمام ومنذ القدم بهذه النوعية من الألعاب المحببة للبنات وفي مختلف العصور.