د. محمد عبدالله العوين
تشهد بلادنا حركة تغيير سريعة جريئة نحو المستقبل الأفضل بإذن الله، قاصدة الانتقال بالوطن من زمن الانتظار والتساؤل والترقب والحيرة إلى فضاء القرار والاطمئنان واليقين والتفاعل المتكافئ مع معطيات العصر الحضارية وشروط التنافس على الريادة والسيادة والتأثير.
هذه العناوين الموجزة تختصر الخطوط العريضة لمرحلة التحول الوطني التي بدأت منذ عامين وستتواصل عامين آخرين بحيث نصل إلى 2020م وقد أكملنا مرحلة التهيئة الحضارية للانطلاق بقوة نحو تحقيق أهداف وسقف رؤية 2030م بمشيئة الله تعالى.
وسنقطع المسافتين المنتهيتين إلى غايتيهما الوطنيتين الساميتين بسلاسة وهدوء وبلا صخب ولا ضجيج إعلامي بإذن الله، وهو ما واكب كل قرار شجاع، ولا شك أن ما ساعد على نجاح قرارات التحول التي صدرت وسيواكب القرارات المأمولة التي ستصدر الثقة الكبيرة التي يمتلئ بها وجدان أبناء هذا الوطن في قيادته الراشدة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله.
الحق أن التغيير لم يكن اجتماعيا أو فكريا أو ثقافيا أو مدنيا فحسب؛ بل أولى الأهمية الأولى لأمن واستقرار المملكة وحماية حدودها وتعزيز قدراتها العسكرية وتطهير أرضها من أفكار الخلايا الحزبية وضلالات الجماعات المتطرفة والإرهابية؛ انطلقت «عاصفة الحزم» الباسلة لتؤمن حدودنا الجنوبية وتحمي الجزيرة العربية كلها من خطر التغول الفارسي الشعوبي، وتوجهت قيادتنا إلى دعم قواتنا المسلحة بأفضل الإمكانات والتقنيات في مجال الأسلحة وتوطين صناعاتها والإلمام بأسرارها؛ كما هو الشأن في صفقات العصر الهائلة مع الولايات المتحدة الأمريكية التي تمت على هامش قمم الرياض قبل أشهر، أو على مستوى الاتفاقات العسكرية بين المملكة والاتحاد الروسي التي تمت في أثناء زيارة خادم الحرمين الشريفين إلى روسيا بتوقيع اتفاقية حصول المملكة على صواريخ S-400 وتوطين جزء كبير من تقنيتها الدقيقة، إضافة إلى عديد من صفقات التسلح مع دول عدة كالصين وفرنسا وبريطانيا والبرازيل وكوريا الجنوبية وغيرها.
وتم ولله الحمد على المستوى الداخلي مسح أمني دقيق للمنتمين إلى فكر الجماعات الإرهابية وعملاء إيران أو تنظيم الحمدين الذين كانوا يعملون وفق مخطط ثورات الخريف العربي الفاشلة.
ستبرز النتائج المريحة للمجتمع السعودي قريبا جدا بعد متابعة الأصوات المستأجرة والأقلام المكلفة والضمائر المشتراة والعواطف الجاهلة غير المنضبطة من الحزبيين وموالي التنظيم الدولي لجماعة الإخوان ومن الغلاة والمتطرفين المهيجين المحرضين على الفوضى والمقللين من أثر وقيمة المنجز الوطني والمجتهدين في تتبع ما يثير عواصف الكراهية والنفور ويبعث على التوتر الاجتماعي، وسيعم الهدوء، وستستقر العواطف، وسينصرف المتلقون لخطاب التهييج عبر منابر الرأي ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة إلى قطف ثمار قرارات التحول الوطني في فضاءاتها الواسعة الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والتنموية المختلفة، وسيدخلون في تجارب الانفتاح الحضاري بدون عوامل صد أو تخويف أو تهييج مما يصاحب عادة كل قرار تحضر جديد؛ ليس بدءا بتعليم المرأة أو البعثات أو التلفزيون أو البث الفضائي أو دمج تعليم البنين والبنات أو تعليم اللغة الإنجليزية في المراحل الأولى المبكرة أو كاميرا الجوال أو عضوية المرأة في مجلس الشورى، ولا انتهاء بقيادة المرأة للسيارة، أو حضورها في الملاعب، أو صالات السينما، وما سيصدر بعهدها من قرارات تحول وانتقال من الانتظار والترقب والتردد إلى الحزم والعزم والانطلاق بثقة إلى الوضع الإنساني الطبيعي الذي يعيشه المسلمون والعرب، ويعيشه العالم كله وفق قوانين وأنظمة يسنها كل مجتمع وأمة على ما تؤمن به من قيم وأخلاقيات تضبط إيقاع الحياة وتحفظ أمن وسلامة المجتمعات.
وبقراءة للتجارب الانتقالية التي مررنا بها للتحول من مجتمع القرى والأرياف البسيطة إلى مجتمعات المدن الحضارية خلال سبعة وثمانين عاما ظل المجتمع السعودي يراوح مكانه مترددا حائرا جدلا في قضايا تحول عديدة إلى أن حسم صاحب القرار السياسي الجدل الاجتماعي.
ونحن في هذه المرحلة أحوج ما نكون إلى القرار السياسي الشجاع الذي يختصر زمن الانتظار والتردد ويقطع الطريق على من يسعى إلى العزف على أوتار المخاوف الوهمية.