جاسر عبدالعزيز الجاسر
صُدم كل من شاهد واستمع لقول الدكتور محمد المسفر الأكاديمي القطري الذي يشغل منصب مستشار أمير قطر، والذي ظهر على محطة قطر التلفزيونية الرسمية، وهو يهدِّد بإبادة أبناء القبائل العربية في قطر إذا ما فكروا في معارضة النظام القطري.
محمد المسفر الذي كان يُشار إليه على أنه مفكر قطري، وأنه من الذين يضعون السياسة الإعلامية للإمارة لم يكن أحد يتوقّع منه أن يتهور ويرتكب حماقة لا يقدم عليها أي مبتدئ يعمل في الإعلام و«الميديا»، فهذا الدكتور الذي عمل في جامعة قطر وكتب مئات المقالات يعلم أن التهديد باللجوء إلى الغازات السامة لقتل المعارضين أسلوب مرفوض دولياً وأخلاقياً، وأن من تلجأ إليه من الحكومات والأنظمة والدول تتعرَّض إلى عقوبات ومقاطعة دولية ويخضع مسؤولوها إلى المحاكمة والتحقيق، فكيف يجرؤ دكتور وأستاذ في الجامعة ويعمل مستشاراً لأمير قطر أن يرتكب مثل هذه الحماقة، مهدِّداً أبناء قطر الحقيقيين، فالدكتور محمد المسفر خصَّ أبناء القبائل العربية بتهديده واستهدافه بقنابل الغازات السامة، فأثناء رده على المذيع في تلفزيون قطر الرسمي عن أبعاد وتوجهات قبيلتي آل مرة، والهواجر بعمل تجمعات ومعارضة النظام القطري، أجاب الدكتور المستشار بأن دور وقوة القبائل انتهى، وأن تكرار حرب «البسوس» وتجمعات القبائل لن يكون لها تأثير، وزيادة في توضيح فكرته، أجاب: ماذا يمكن أن تجمع القبائل عشرة آلاف، مائة ألف، مائتي ألف، وكل هذه التجمعات يكفيهم قنبلة غازات كيماوية للقضاء عليهم.
لاحظ مستشار أمير قطر يهدِّد بالقضاء على مائتي ألف قطري معارض للنظام في بلد عدد سكانه لا يتجاوز الثلاثمائة وخمسين ألفاً، بمعنى أن النظام القطري ومن خلال أحد مستشاريه ومنظِّريه يهدِّد بإبادة أكثر من ستين بالمائة من الشعب، إذا ما استمروا في معارضة نظام الحكم.
هذا القول لا يمكن لأي إنسان ولا أي دولة أو نظام يسمح بالتصريح به وتهديد شعبه، حتى وإن نوى ذلك، إذ إن كثيراً من الأنظمة المستبدة والقمعية استعملت الغازات السامة ضد شعوبها ولم تجرؤ بالتصريح بذلك، بل لا تزال ترفض حتى الاعتراف بذلك فكيف تجرؤ حكومة قطر على التهديد بهذا العمل الإجرامي وإعلانه عبر التلفزيون الرسمي وعن طريق ما يُوصف بأنه منظِّر ومستشار الأمير.
سلوك وانفعال يؤكدان أن من يحكمون قطر لا يعيرون أهمية للمواقف الدولية ولا يهمهم ردود أفعال المجتمعات المتحضِّرة، وقبل ذلك رد فعل أهل قطر الذين صبروا كثيراً على مثل هذه الأفعال اللا أخلاقية.