رجاء العتيبي
لو بحثت عن: كيف تدار الثقافة في بلادنا لرأيت أن هناك جهات متعددة تتولى هذه المهمة؟ وكل جهة تعمل بصورة مستقلة عن الأخرى، ولكنها جميعها تتشابه في (سير المعاملة) بالطريقة التقليدية المعتادة:
خطاب (لإكمال اللازم)، للمفاهمة (للدراسة وإبداء الرأي)، تشكيل لجنة (والرأي الأتم لكم).
هذه أشهر وأكثر الشروحات المستخدمة على المعاملات (الثقافية) بصورة تؤخرها عن وقتها، فيبدأ المشروع الثقافي قبل موعده بأسبوع ما يجعل الاستعداد له ضعيفا الأمر الذي يؤثر على الناتج النهائي فيكون ضعيفا هو الآخر، وتستمر الحكاية في كل شأن ثقافي.
وما أن ينتهي المشروع (لا يهم بأي شكل) ترى الموظفين يغرقون في مشروعات أخرى متأخرة ومستعجلة، ينفذها المسؤولون بأسلوب (الطوارئ) فيتم (تقصيص) الفكرة الجميلة إلى شكل آخر غير الذي أتت به، طمعا في كسب الوقت وإنهاء المشروع في وقته بأي شكل كان، وبأي طريقة، وبأي متعهد.
أما سير المعاملة (المالية) المتعلقة بعمل ثقافي، فهذه حكاية أخرى، تبدأ بمناقصة مثلها مثل (المعاملات) المتعلقة بالتوريد والترميم والشراء، وهذا أمر عجيب فعلا، فالثقافة في حقيقتها تختلف جذريا عن المشتريات (المحسوسة) باعتبارها منتج فكري من الصعوبة بمكان أن تقيسها كما تقيس توريد أجهزة مكتبية.
الإدارة المالية في الكيانات الثقافية مازالت تعمل بالطريقة القديمة، وأظن الوقت قد حان لإيجاد صيغ جديدة لـ(تعميد) العمل الثقافي، فكل شيء شمله التطوير والتجديد والإبداع إلا هذه المواقع، ما زالت تعمل بصورة تعرقل العمل الثقافي وتؤخره عن موعده.
ومع كل المعايير المالية الدقيقة التي تطبقها إدارات الثقافة، إلا أن المنتج النهائي لا يوازي كل هذه الدقة، فما زالت الإخفاقات مستمرة في المشروعات الثقافية بشكل باتت تشكل ظاهرة، ليس لدى جهة معينة ولكن لدى كثير من الجهات الحكومية، لأن السياسة المالية واحدة لم تتغير منذ زمن طويل.
هل تتحمل وزارة المالية نتائج هذه الأنظمة المالية العتيقة؟ أم أن الشؤون الإدارية في الجهة الحكومية تتحمل جانبا من المسؤولية أم أن المسؤول الإداري الكبير يتحمل جزءا من بيروقراطية العمل الثقافي؟ أذكر أن جهة حكومية طلبت (مناقصة) ثلاثة عروض لإنتاج مسرحية!!
ليس أفضل من يدير العمل الثقافي سوى القطاع الخاص، ورجال الأعمال، وتبقى الجهات الحكومية المعنية بالثقافة جهات إشرافية، تنظيمية، قانونية، ليس غير، بما يخدم رؤية 2030.