أحمد المغلوث
كانت حالة أم عبدالوهاب بالغة السوء بعد أن أجريت لها عملية في الأمعاء وتعرضت لنزف وتم تعويضها من خلال الدم i`i p;hd المتوفر في بنك الدم الموجود بالمستشفى. وتكررت لها عملية نقل الدم أكثر من مرة لكنها كانت تزداد ضعفاً، ولاحظ الطبيب أن زوجها لم يكرر زيارته لها طوال الأيام الماضية وفسر ذلك كونه رجل أعمال ناجحاً وكثير المشاغل وحتى السفر لخارج المنطقة لمهمات عمله. وحاول الطبيب الذي روى لي حكايتها خلال عملي في نوبة ليلية بنفس المستشفى أن يطلب منها أن تتحدى ضعفها وأن تقاوم معاناتها، وأن تبذل جهداً لمقاومة مرضها من خلال تقوية معنوياتها فقال لها: أريدك أن تكوني مثل زوجك أبوعبدالوهاب قوية وشديدة. وإذا بها ترد عليه أن أبوعبدالوهاب رجل قوي ولا يحتاج إلى أحد.! وفي نفس اليوم حضر الزوج أبوعبدالوهاب وأخبره الطبيب بأن زوجته لا تريد الشفاء فالعملية ناجحة وكل الأمور طبيعية. لكنها يبدو أنها محبطة او تشعر بخيبة أمل من شيء ما.. قد يكون لعدم تردد شخص عزيز عليها ووقوفه بجانبها خلال مرضها بالصورة المطلوبة. فرد عليه الزوج هل يفيدها أن أتبرع لها بدمي. إذا كانت تحتاج إليه الآن. و لم يصدق الطبيب خبر بل قال له وهو يربت على كتفه بالطبع تحتاج وآمل ان تكون فصيلة دمك مطابقة ومناسبة لها. وهرول الزوج إلى بنك الدم والقلق باد عليه. ودار في عقله هاجس مؤلم أن لا تكون فصيلة دمه مناسبة ولكن إرادة الله، وبعد عملية الفحص اتضح أن دم الزوج مناسب جدا لزوجته ولم يمض وقت طويل حتى تم سحب الدم من الزوج ونقله مباشرة إلى الزوجة. وبينما كانت الزوجة ممددة على سريرها ودم زوجها يتدفق في عروقها. قال لها الزوج باسماً: ترى هذا الدم هو دمي. وهذا أقل ما يجب أن أقدمه لك. وتمتمت الزوجة وعيناها يغالبهما النعاس: لماذا فعلت ذلك؟. فرد الزوج: لأنني أحبك واحتاج إليك ويحتاجك أولادنا، المهم شدي حيلك. ومرت لحظات صمت خرج بعدها الطبيب وترك الممرضة تراقب الحالة. وجلس الزوج بجوار زوجته. وفجأة بدأ نبضها والذي كان واهنا وضعيفا يزداد سرعة. وفتحت عينيها ثم التفتت لزوجها وقالت له: الله يخليك يا أبوعبد الوهاب، وهبتني دمك. فرد عليها: الله يحبك فهو الوهاب الحقيقي والذي جعل دمي مناسباً لك، وأنت تستاهلين أكثر من الدم. وكانت الممرضة المصرية «نعمات» شاهدة على المشهد الرومانسي الذي نقلته للطبيب. ولم يتردد الطبيب محمود أن كتب في تقريره للحالة لم يكن نقل الم فقط الذي أعاد الحياة من جديد للمريضة أم عبدالوهاب، وإنما اهتمام زوجها بها وما صاحب ذلك من موقف إنساني وأسري..!
تغريدة:
كل شهيد رحل وهو يدافع عن هذا الوطن الغالي هو نجم عال في السماء يضيء الوطن بنوره الدائم.