يوسف المحيميد
ليس غريبًا أن يكسر بروتوكول دولة عظمى رئيسها وهو في حضرة ملك المهابة، فأن يسكُب الرئيس بوتين الشاي بنفسه للملك سلمان، إنما هو تقدير لملك اختصر الزمن في سنتين، وكسب أنظار العالم وهو يقود بلاده إلى مرتبة جديدة، وينتقل بها إلى مكانة مرموقة في الخارج، ويجهز ملامحها الجديدة في الداخل، فلم يَعُد ممكناً أن ننتظر أكثر كي نتقدم، بل لا بد أن تقفز بلادنا قفزتها المحسوبة جيدًا، باتخاذ القرارات الشجاعة في كافة أوجه الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ففي موسكو، وفي الكرملين، مشى سلمان باعتداد الملوك الكبار، الذين يحركون التاريخ، وتم استقباله بكل ما تحمله بلاده من أرث ومكانة وتواجد قوي في المحافل الإقليمية والدولية، جاء يحمل رؤية اقتصادية جديدة، واتفاقيات كبيرة في مجالات الطاقة، والطاقة المتجددة، والبتروكيميائيات، وصناعات التعدين، وبناء السفن، وغيرها من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المختلفة.
كل هذا لم يأتِ هكذا، بل كان التخطيط له مبكرًا، والزيارات التمهيدية السابقة لولي العهد، واللقاءات الثنائية بين الوزراء والمستشارين، كلها جهزت هذه الزيارة الفخمة، وجعلت أصداءها كبيرة، منذ اللحظة التي يحط فيها المرء قدمه في أحد مطارات موسكو، وفي الشوارع والطرق السريعة، واللافتات العالية، والإعلانات، التي تحمل صورة الملك سلمان، وعبارات الترحيب به، وحتى ما يضخه الإعلام الروسي والعالمي من أخبار وتغطيات لهذا الحدث الكبير.
ولعل المتابع في العالم كله يدرك أهمية هذين البلدين في الاقتصاد العالمي، ودورهما الكبير في استقرار السوق البترولية الدولية، بعد اتفاقية خفض الإنتاج بين الدول المنتجة داخل الأوبك وخارجها، وما قامت به المملكة وروسيا من دور قيادي كبير في ذلك. كل هذه الأدوار القيادية والتناغم الواضح بين سياستي البلدين سهَّل العمل معًا على مزيد من التعاون والاستثمارات المشتركة بينهما.
لقد انتهت سنوات البعد بين هاتين القوتين الاقتصاديتين المؤثرتين، وأصبح الطريق بين المملكة وموسكو معبّدًا وسالكًا وسريعًا، يحمل معه الخير للبلدين وشعبيهما، ولجميع شعوب العالم.