د. خيرية السقاف
قد يكون النقيض السالب يوازي في الإفادة ما يفعله الموجب
كتيار الكهرباء حين يعمل بالموجب والسالب..
والتشافي من أمراض عصيّة يحدث أن يكون بسم زعاف, والناتج الغذائي قد يأتي من العفن بما يفيد, وكثير من الطحالب ينفع..
الظلمة الطامسة يستعيد فيها المخ راحته, ويُمد بطاقته, والكذب في بعض حالات يعمل ما لا يفعله الصدق حين التقريب بين متشاحنين بتذكيرهما بمحاسن أحدهما لدى الآخر, تلك التي لم تكن حين يتحدث أحدهما عن الآخر..
الشاهد في حال النقيضين الشتيتين أنهما يلتقيان , وإن ظن أحدهما, أو كلاهما «أن لا تلاقيا» كما في قول الشاعر..
لكن من الذي بيده الميزان, وفي كفته المكيال الدقيق, وفي مداركه حسن الفطنة , وبعد النظر, ولمّاحية الفكر, وسكينة النفس الذي يفعل حين يحتدم النقيضان, فيستل الأنجع من النقيضين للموقف..؟؟
في الحياة واقعاً يسير بكلِّه, وتداخله, تجتمع فيه النقائض, وتحتدم المواقف, وتعلو الغوغاء, وتنسرب الخبائث, وتتداخل الأسماع, وتتناقل الأقوال, وتختلف المفاهيم , وتتباعد القناعات, فيحدث هذا الاحتياج الحاد, المحتم لهذا الخيط الرهيف بين بياض, وسواد النقيضين, عند كفاءة من يدرك متى يكون الآخر للآخر أجدى, فيُعْمِلَه..
ولا يقف هذا عند الإنسان, والإنسان في معترك الحياة وحدهما, عند التربية, والتنشئة, وحل النزاعات, وتأليف القلوب, وتمرير المشكلات, في علاقات فرد وآخر, وجماعة ونظرائها, وقربى, ورحم, وأصدقاء, وجيران, ونزاعات أسرية, وجماعات عمل, بل يمتد الأمر للوقائع السياسية بين الأمم, والدول، حين تكون المواقف بحاجة إلى العلاج بالنقائض بعضها ببعض لتعزيز موقف, والانتصار فيه كلِّه..
فالتقاء النقائض ليس خطأ, بل ضرورة حين تكون الحاجة ماسة لتعزيز الموجب بالتعامل مع المقابل بوعي..