سعد بن عبدالقادر القويعي
انتعشت المراوغة السياسية القطرية في أجواء الفراغ السياسي - هذه المرة -؛ باعتبار أن النوايا المبيّتة تكون خلف المظاهر العامة، وأن الصورة الذهنية للسياسي القطري ليست نزيهة، وبريئة، ومعتمدة على صدقه، وذلك عندما ردّ - وزير الخارجية القطري - محمد بن عبد الرحمن آل ثاني على سؤال خلال لقائه مع ممثلي صحف فرنسية، بأن الدوحة لن تسلّم يوسف القرضاوي الموضوع على القائمة الإرهابية للدول الأربع؛ لأنه: «ليس إرهابيًا، وإنما هو معارض سياسي له وجهة نظر»؛ ولأن السياسية هي فن الممكن - كما يُقال -، أو فن الكذب، فإنها أكثر عرضة للخداع كسلوك مشين؛ بسبب اختلاق أكاذيب تهدف إلى إخفاء سياسات فاشلة، أو مثيرة للجدل، - إضافة - إلى أن هذا الكذب عادة ما ينتهى إلى تدمير القيم، وصنع العداوات.
المراوغة السياسية القطرية تغطية للعجز عن الحل، إما لتأجيله، أو لعرقلته؛ ولأن محيط السياسة في النظام القطري زاخر بالألاعيب، ومليء بالمراوغات، والتقدّم، والتراجع، وهو سلوك ذرائعي بالأساس، فإنه سينتج عنه آثار سلبية، تتراوح ما بين ارتداد الأثر السلبي على السياسات الداخلية، وارتدادها - كذلك - في نطاق السياسات الخارجية، وفي كلا الأمرين لن تحصد سوى الفشل، ما يؤكد أن سياسة المراوغات السياسية التي تتجاهل الحقوق المشروعة للسلم العالمي قد سقطت نهائياً، وإلى الأبد.
المراوغة السياسية القطرية تمسك بالنفوذ، والمصالح، وتكالب على السلطة، دون مراعاة لأي مصلحة عامة، أو خاصة معتبرة، وإنما من حق تلك السياسة الموهومة في أن تمارس كل فنون الخداع؛ لكى تصل إلى أهدافها المشبوهة، ولو كان ذلك على أشلاء خصومها، وهو ما يؤكّده جون جي ميرشايمر - أحد أهم المفكرين الواقعيين على صعيد السياسة الخارجية، ومن أكثرهم تأثيراً في العلاقات الدولية في العالم -، في كتابه: لماذا يكذب القادة، «الحقيقة حول الكذب في السياسة الدولية»، بأن الكذب بين الدول - في كثير من الأحيان - يكون لأسباب إستراتيجية، والتي يطلق عليها في أحد فصوله بإستراتيجية التستر، أو التكتم باستخدام دبلوماسية الرياء.
استهلاك الوقت، وفن الخداع، والتسويف، والمماطلة شعار السياسي القطري المراوغ؛ من أجل الوصول إلى الهدف، وتحقيق الغاية، - سواء - بالمنطقة، أو على المستوى العالمي، فما بالك إذا كانت الدولة التي أخذت دوراً أكبر من حجمها؛ بسبب تواطؤ الغرب معها! - فعندئذ - سيكون الفعل ممجوجاً، وسيعكس انخفاضاً في القيم الإنسانية. ومع كل ما سبق، فلن نفقد الأمل في غد أفضل، بعيداً عن المرواغة السياسية القطرية، وحتى لا تكون هي القاعدة في التعامل بين تلك دول المنطقة؛ فيستشري الكذب، والتلفيق، ويعم التوتر، وتنعدم الثقة، ويسود الفشل، والإحباط، والعنف، والإرهاب .