د.عبدالعزيز العمر
المدن يمكن أن تتوحش، ويمكن أن تتأنسن (أي ذات طابع إنساني). تتوحش المدينة عندما ينفرد المهندسون والسياسيون ورجال الأعمال المؤثرون بصنع قرارات تخطيطها وتصميمها وبنائها. من جهة أخرى تتأنسن المدينة عندما يتاح لطيف عريض من المفكرين والمبدعين في المجالات الإنسانية المختلفة ومؤسسات المجتمع المدني المشاركة في صنع قرارات تصميم وتخطيط مدينتهم. الذين يقضون إجازاتهم الصيفية في مدن متعددة خارج أوطانهم يكتشفون الفارق الكبير بين المدن من حيث قربها أو بعدها عن تلبية حاجات الإنسان. معلوم أن توحش المدينة يمكن أن يكون سببًا في زيادة توتر وقلق سكانها، بل وسببًا في زيادة معدلات الجريمة. نحن سكان مدينة الرياض فخورون جدًا بعاصمتنا الحبيبة، لكننا نخشى أن تنزلق نحو التوحش، إن لم تكن بدأت فعلاً. توحش المدينة -أي مدينة- يمكن ملاحظته في المظاهر التالية: 1- ندرة المساحات الخضراء التي لم تعد مجرد مكانا للجلوس كما تعتقد بلدياتنا، بل مكان مريح يتسجيب لكل حاجات الفرد البيولوجية والإنسانية، 2- ندرة المسطحات المائية، 3- كثرة «المولات» والمؤسسات التجارية التي تلتهم معظم أراضي المدينة، هذه المولات تلتهم أموالنا وأراضي مدارسنا وفرص عمل أبنائنا، 4- ندرة الأماكن التي يمارس فيها الناس رياضة المشي، ولعلي في هذه اللحظة أدعو بالرحمة لمعالي المفكر الدكتور محمد الرشيد الذي وقف بقوة خلف إنشاء مضمار المشي المقابل لوزارة التربية على شارع الملك عبدالله، 5- تحول قيادة السيارة إلى مرض نفسي، 6- لقد انعكس توحش مدينتنا على توحش مدارسنا التي تنعدم في كثير منها المساحات الكافية لممارسة أي ترفيه إنساني، 7- عدم توفر تسهيلات يستفيد منها المواطنون ذوي الاحتياجات الخاصة.