ياسر صالح البهيجان
يواجه الموظفون المواطنون المسجّلون في وزارة الخدمة المدنيّة تحديات كبرى أسهمت في انخفاض مستوى إنتاجيّتهم، ومن أبرزها الانتظار طويلاً حتى يُمنحوا الترقية المستحقّة من مرتبة إلى أخرى. بعضهم تجاوزت مدّة مكوثه في المرتبة الواحدة أكثر من عشرة أعوام، بينما تبرر إدارات التوظيف في الجهات الحكوميّة سبب ذلك التأخر بأنها لم تحصل على أرقام وظيفيّة جديدة من وزارة الخدمة.
الارتقاء في المراتب من أهمّ الحوافز التي تجعل الموظّف أكثر إنتاجيّة في عمله، وتساهم في ازدياد مدى رضاه الوظيفي واستقراره النفسي، ما يفرض على وزارة الخدمة المدنيّة إيجاد وسيلة أكثر سلاسة ومرونة تضمن التدرّج في السلم، متى ما أردنا قطاعًا حكوميًا فاعلاً يحقق أعلى معايير الجودة والإتقان.
الإحصائيّات الرسمية تشير إلى أن 4 بالمائة فقط من موظفي القطاعات الحكوميّة يحظون بالترقية في المراتب سنويًا، إذ إن عدد الموظفين الحكوميين في الوظائف غير التعليمية يبلغون قرابة 561 ألف موظف، ويجري ترقية 25 ألفًا منهم في كل عام، وهو رقم ضئيل جدًا مقارنة بأعداد العاملين في القطاع الحكومي، ما يؤكد وجود خلل في النظام المعمول به منذ سنوات.
الترقيات تمثل قمة هرم الجليد فحسب، أيضًا قرارات الإيفاد الدراسي الداخلي والتدريب والابتعاث في الخارج هي أزمة أخرى يعاني منها الموظف الحكومي، ومن يحظون بهذه الفرصة سنويًا لا يتجاوزون 5 آلاف موظف، أي أنهم يشكلون ما نسبته 0.8 بالمائة من إجمالي الموظفين، وإن أردنا تطوير الجميع بالإيفاد والتدريب والابتعاث فإننا سنحتاج إلى مائة عام تقريبًا، وهذا مؤشر سلبي يدق ناقوس الخطر، ويؤكد ضعف إمكانات تنمية الموظفين الحكوميين، ما يعني تراجع كفاءتهم تدريجيًا في ظل التطورات المعلوماتية في الزمن الرقمي، وحاجة الجهات الحكومية إلى التحول التكنولوجي.
وزارة الخدمة المدنيّة مطالبة بإعادة هيكلة الأنظمة القائمة للاستفادة من طاقات الكفاءات الوطنية في الجهات الحكوميّة. بإمكانها عقد شراكات استراتيجيّة مع الجامعات والمعاهد الداخلية والخارجيّة لضمان تطوير الموظفين بأقل تكلفة. وبمقدورها منح بدل تأخّر ترقية لمن مكثوا طويلاً في مراتبهم. عليها أن تولي اهتمامها بمدى رضا الموظفين عن وظائفهم، وأن تؤمن بأن ذلك جزء من مسؤوليّتها بوصفها الجهة المخوّلة في تنظيم القطاع الحكومي الذي يعد قطاعًا رئيسًا من شأنه الدفع بعجلة التنمية الوطنيّة إن كان متينًا ويحظى برضا منسوبيه.