ربما في أيام جيله، لم يحتفل كثيراً بالتوقيع على دواوينه؛ لكنه تحرّك على أوراق التنقّلِ بين مدن عربية، والدخول إلى المشافي والانضمام إلى حزبٍ والنأي عنه، وأوراق العمل في وظائف مختلفة؛ ليوقّع على قصائد تعكس ذاتًا متشظية تعود جذورها إلى ظروف نشأته في (جيكور )، ماتت أمه وهو لم يتجاوز السابعة من عمره، ولم يلق الرعاية الكاملة من أبيه الذي تزوج بامرأة أخرى، لتتولى رعايته جدته التي توفت، لتستقر رعايته متنقلاً بين عماته وبين منزل جده..
شظايا روحه المكسورة شيدت قمراً شعرياً خالداً في سماء اللغة، في كلّ بيت شعري تنزل منه دمعة، وكل مقطعٍ ضبَطَ إيقاعه الجديد على وزن مُكتئب يئنّ بآلام الحرمان واللوعة وجروح الغياب، ورسمَ حيرة غريب لا تزال تطفو على الخليج .
على الرغم من تلك الشظايا إلا أنه هام على صفحات الحُب و الأمل في (ديوانٍ شعر) بين العذارى:
ديوان شعر ملؤه غزل
بين العذارى بات ينتقل
أنفاسي الحرّى تهيم على
صفحاته والحب والأمل
وستلتقي أنفاسهن بها
وتحوم في جنباته القُبلُ
واستلهم صبر أيوب في أيامه الأخيرة واطمأن قلبه بأن كل الآلام هدايا :
لك الحمد مهما استطال البلاء
ومهما استبدّ الألم
لك الحمد، إن الرزايا عطاء
وإن المصيبات بعض الكرم
إمضاء الشاعر العراقي بدر شاكر السيّاب ( 1926م -1964م): تحرّك على ورق التشظي ؛ ليكون قمرا شعريا في سماء اللغة.
** **
- حمد الدريهم