د.عبدالله الغذامي
عثرنا على ورقة فيها قصيدة بخط المتنبي (فرضًا) كم سيكون سعرها في السوق؟!
هذا سؤال يكشف لنا ما طورته الثقافة من وسائل رأسمالية في رأسمة المعنى الثقافي، فاللوحة التي مات صاحبها فقيرًا تساوي ملايين الدولارات، وكل من اشتراها فسيبيعها بعد مدة بأضعاف المبلغ، وكذا فقطعة من ثوب رث لشكسبير ستكون خيالية في سعرها، وهذا كله ليس عن قيمة معنوية كما قد نتوهم، ولكنه تحويل للمعنوي ليكون سلعة، وصكًا ماليًا استثماريًا، وهذا أيضًا سيشمل تيسًا يباع بملايين، وناقة ولودًا بأكثر من قيمة التيس أضعافًا، وهذا كله نابع أصلاً من حس رأسمالي مطبوع عليه البشر في (التكاثر)، وكل أمر يفتح بابًا للكسب فهو مطلوب، وقاعدة هي أن كل أمر يسهل عليك الحصول على مشترٍ فهو مطلوب، وستشتري التيس بالملايين مثلما تشتري ورقة تحمل خط المتنبي أو لوحة لدافنشي، أو مخطوطة فيها مقامة للهمذاني، ولن تقول إن هذه كلها موجودة بنسخ أرقى وأفضل وأوضح، لأنك لا تطلب هذه المعاني ولكن المعنى الرأسمالي هو المتحرك هنا، وإن زعمت بأن ما تفعله تراث وثقافية ومعنويات، هو رأسمال يشبه قولهم (الصيت ولا الغنى) وهذا تعبير رأسمالي في عمق معناه، لأن الصيت يحقق ما يحققه المال من فوائد، فصاحب الصيت يجد خدمة وتسهيلات أقوى من تسييلات المال، وهنا يكون الصيت قيمة نفعية ومادية وإن تبدى أنه خيار ناسخ للغنى.