د. حسن بن فهد الهويمل
أبو يعرب [محمد القشعمي] صديقُ عمر، قبل أن يكون زميل عمل، وشريك حرف، نتبادل على متنه الهموم.
لقد فوجئت بخبر العارض الصحي الذي ألمَّ به -شفاه الله-. وبالاحتفالية الرائعة التي أبرز من خلالها زملاؤه، وأصدقاؤه، وقراؤه جوانب من حيواته المتعددة، والثرية، والأخاذة.
لقد فوتَّ علي [أبا يزن] غفر الله لك هذه المناسبة الأعز، رغم ما بيني، وبينك من صلات ود، تمن بها علي.
ولا أقول لك إلا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه حين لم يُعْلِموه بوفاة امرأة كانت تقم المسجد:- أفلا كنتم آذنتموني. وهي كلمة عتاب مهذبة.
[أبو يعرب] كثير الأصداء، والمعارف، والمعجبين، والمستفيدين من قلمه الذي يشبه ريشة الفنان المتفائل.
إنه صديق الكل، يمشي سواد الأقلام رويداً، ولكنها تطلب صيدا، إلا قلم أبي يعْرب، فإنه يطلب معلومة، أو يضيف مكرمة، أو يحيي ذكراً، أو ينصف مظلوماً، أو يُذَكِّر بمجهول. لا يتزيد في كتابته، وإنما يملأ فراغاً. أو يسد ثغرة. أو يضيف معلومة.
أوقف جهده، ونذر وقته، وإمكانياته لتقصي تاريخ وطنه الحديث، ينقب في ذواكر الآخرين، ويَفْلِي أعمدة الصحف القديمة، ويستدرج الصامتين للإفضاء بما لديهم من تاريخ شفهي، تجاوزته الأقلام، ونكب عن ذكره الإعلام. فكان كل ما يكتب إضافة معرفية تحظى بالاحتفاء.
عرفته شاباً، وصحبته كهلاً، ولما أزل ألتقي به في مختلف المناسبات، فأجده مسكون الهَمِّ بتاريخ رجالات الوطن. وكان لي شرف المشاركة في بعض ممارساته الثقافية، عندما كان مسؤولاً ثقافياً في [رعاية الشباب]. لقد كان واحداً من أبرز الفاعلين ابتكاراً، وإنتاجاً، ومتابعة.
لقد عملنا معاً لبلورة مشروع رعاية الشباب [هذه بلادنا] وعملنا معا في القطاع الثقافي لـ[رعاية الشباب] يوم أن كانت حفية بالثقافة، والأدب. وكانت بصمات [أبي يعرب] واضحة، وإسهاماته متميزة.
وكم أتمنى له الشفاء العاجل، ليكمل مسيرة العطاء الثقافي المتميز.
وكم أتمنى لو توليت [أبا يزن] فكرة إصدار كتاب تكريمي يضم ما كُتِبَ عنه، كما يضم دراسات عن الأدب السعودي، وإرهاصات رصد التاريخ الشفهي بوصفه أحد فرسانه، تهدى إليه من أصدقائه، وزملائه، وقرَّائه، فذلك بعض ما يجب له، وبعض ما أنت أهل له.