الخبر
يأتي اليوم العالمي للترجمة في موعده 30 سبتمبر الذي أقره الاتحاد الدولي للمترجمين FIT عام 1991م، ولكنه يأتي هذا العام بصحبة حدث مهم، وهو إصدار هيئة الأمم المتحدة في 24 من شهر مايو 2017، قرارا مهما وهو أن يكون يوم 30 سبتمبر من كل عام يوما عالميا للترجمة للأمم المتحدة أيضا، وتحتفل به كل الدول الأعضاء، لما للترجمة من دور مهم في تعزيز السلام في العالم، وفي ظل تحول العالم إلى قرية صغيرة وتسارع التقنية المعلوماتية وتقلص الحدود الجغرافية فقد اختار الاتحاد موضوع احتفالية هذا العام (الترجمة والتنوع)، وعبر هذا الموضوع تتأكد أهمية الترجمة التي لا تعني فقط التواصل بين الأمم، ولكن الأخذ بالاعتبار حفظ الهويات الثقافية لكل مجتمع، وكل لغة؛ بمعنى آخر أن يكون التواصل بين الشعوب بعضها وبعض دون أن تطمس ثقافة ثقافة أخرى. وأشار الاتحاد الدولي للمترجمين في بيانه إلى التدفق السريع للمعلومات والأعمال عبر العالم متجاوزة الحدود الجغرافية الطبيعة للبلدان والحواجز والزمن بين الدول، وكأن الاتحاد استشف هاجس بعض الشعوب، خاصة المحافظة وهو تخوفها أن تفرض ثقافة أو لغة ما طريقة تفكيرها على الثقافة الأخرى. وفي احتفالية هذا العام، يطرح الاتحاد سؤالا عميقا إلينا نحن المترجمين والمهتمين بها: كيف تستطيع الترجمة آن تصل لكل شيء مع الاحتفاظ بتنوع الثقافات واللغات والمجتمعات؟ حيث إن التنوع الثقافي واللغوي يثري المجتمعات والأوطان وحتى لا يحدث (التماثل الثقافي) الذي جلبته العولمة معها، الذي يهدد التنوع الثقافي للشعوب.
هنا مهمة شائكة ولكنها ممكنة، عبر نمط من أنماط الترجمة وهو (الترجمة المحلية) التي أشار إليها الاتحاد في بيانه، وهذا النمط لا يهدد هوية اللغة (الهدف) التي ينقل إليها العمل المترجم، فهي تنساب بسلاسة إلى الآخر، حاملة معها تفاصيلها، وملامحها الخاصة بها، ولكنها في الوقت ذاته لا تفرض وجودها على اللغة الهدف، بل تجعلها تتعرف على ثقافة ومعتقدات وحياة الآخر المتحدث بها عبرها، من أجل التواصل الثقافي والإنساني والاقتصادي.
وهنا يسقط تخوف ثقافة الهدف من ثقافة المصدر، ويتضمن هذا النمط من الترجمة، الترجمة الأدبية، وترجمة الأفلام ودبلجتها، فعندما نقرأ عملاً مترجماً أو نشاهد فيلماً مدبلجاً، فإننا نضيف لثقافتنا معرفة عامة بالآخر وثقافته.
ولكن ما الفائدة التي تعود على المجتمعات من هذا النمط من الترجمة يلقي الاتحاد الضوء على ثمار ذلك «فإن ذلك يساعد في مشاركة الرؤى المحلية،ووجهات النظر المختلفة للعالم.. عبر لغة الآخر)، وذلك يساهم في تحقيق سلام عالمي يستند على الاحترام متبادل، وهكذا يصبح عالمنا زاهياً ومفعماً بالحياة.
فشكرًا للاتحاد الدولي للمترجمين الذي حمل لواء الترجمة ودعم المترجمين، وتحايا للأمم المتحدة التي عززت مكانتنا، وكرّمت جهودنا عبر قرارها التاريخي واحتفلت بنا في اليوم العالمي للترجمة 2017م.
** **
- تركية العمري