حوار - سعود بن فهد المسردي - محمد حلوان:
باحث ومؤلف لا يعرفه الكثيرون سألته عن سبب عدم انتشاره وقلت للاستاذ محمد أحمد معبر: ما أول كتاب ألَّفْته، وقدَّمك لساحة الثقافة والأدب، وهل واصلت الكتابة بعده مباشرة؟
يمكن القول إن مرحلة التأليف سابقة لمرحلة النّشر، فقد ألّفت مجموعة من الكتب في سنة (1403هـ) ومنها: (مناهج الأصوليين في التأليف،طبع سنة 1406هـ)، و(الاتصالات الإدارية، طبع سنة 1406هـ)، و(التربية الإسلامية، طبع سنة 1406هـ).
أما ما يتعلق - مباشرة - مع سؤالكم، فهو كتاب: (المرأة في سوق النخاسة العالمي) فهو الذي انتشر وتعددت طبعاته، فبلغت خمس طبعات، ثلاث في سنة 1407هـ، وطبعتان في سنة 1409هـ، وتُرجم إلى اللغة الروسية.
ويليه كتاب (المرأة في شارع الحرية الخلفي) الذي طبع ثلاث طبعات.
وقد واصلت التأليف والنشر حتى الآن.
بالرغم من إنتاجكم الغزير المتمثل في مؤلفاتكم الكثيرة في مختلف المجالات، إلاّ أنّ أغلب القُرّاء ومجتمع الساحة الثقافية في الوطن العربي لا يعرفون عنكم إلاّ القليل، فما سبب هذا الابتعاد والتَّخفي؟
هل هو من الانكفاء على الذات؟ أم أنّ ذلك من القصور من وسائل الإعلام، وليس منك؟
التّقصير من قِبَلي، فأنا لا أبادر إلى تزويد وسائل الإعلام بإنتاجي العلمي حين صدوره، وهذا يعود إلى استغراقي في البحث، فقبل صدور أي كتاب أضع خطة لتزويد المجلاّت والصُّحف بنسخ من هذا الكتاب، وفي ذات الوقت استغرق في إعداد غيره، حتى يتقادم الزمن، وهكذا دواليك، ولا يعني ذلك الغياب التّام عن وسائل، فقد كُتِب عن بعض كُتبي في بعض الصحف والمجلات، مثل صحيفة (المدينة) ومجلة (الحرس الوطني) وغيرهما، إضافة إلى عملي كمتفرغ في صحيفة (المدينة) ومجلة (اقرأ) ولا سيما (ملحق التراث) بصحيفة المدينة، حيث نشرت فيه الكثير من الأبحاث، وكنت أقوم بإعداد صفحة (آفاق) في صحيفة المدينة الأسبوعية، كل يوم أحد.
مع كتابة زاوية بعنوان (بَصْمة وأثر) في صحيفة (البلاد).
وكنت أشارك بالكتابة في مجلة (الدعوة) السعودية، ومجلة (المنهل) ومجلة (التوحيد) القاهرية، و(المجلة العربية) وصحيفة (الجزيرة)، ومجلة (أجنحة المسافر) التي تصدر عن صحيفة المدينة، ومجلة (الإرشاد) اليمنية، ومجلة (الوعي الإسلامي) الكويتية، ومجلة (المجتمع) الكويتية، و(نشرة معهد المخطوطات العربية) وغيرها.
* يصاب المرء بالذهول عندما يرى كثرة مؤلفاتك، وتعدد مشاركاتك الصحفية، فلديك (62) كتاباً مطبوعاً، و(166) كتاباً مُعدّة للطبع، وما يقارب (300) من الكتب قيد الإعداد.
ما قصّة هذا الإنتاج الغزير، وكيف تجد الوقت الكافي للتفرغ للبحث، على الرغم من كونك تعمل في وظيفة تأخذ من وقتك، إضافة إلى الارتباطات الأسرية والاجتماعية؟
هذا من فضل الله تعالى عليّ، ثم المنهج الصّارم الذي ألزمت به نفسي منذ أكثر من ثلث قرن، وهو القراءة والبحث لوقت لا يقل عن أربع ساعات في اليوم، ولا أتخلى عن ذلك إلاّ في ظروف طارئة.
ولا أعتبر القراءة لمجرّد تَزْجِيَة الوقت، أو الاستمتاع المجرّد، وأنظر للبحث كمسؤولية أحمل همّها على كاهلي، وليس هواية يُتَلذّذ بها، ففي البحث عناء ومشقّة، وإنفاق مال ونحو ذلك.
* يذهب البعض للقول بأنّ ابن مُعَبِّر يكتب في كل شيء دون أدنى اعتبار للمواضيع التي يطرقها، ويستشهدون على ذلك بجمعك للرسائل المتبادلة للدكتور غيثان بن جريس، وكتبك التوثيقية لسير بعض الأعلام المغمورين، فماذا تقول؟
أولاً: أنا لا أكتب في كل شيء، وإنما أكتب في المجالات التي أملك ناصيتها، بل أحرص على الموضوعات غير المطروقة أو النادرة، أو التي تحتاج إلى بحثها من جانب لم تتم الكتابة فيه.
والشاهد على ذلك (معجم الألقاب العلمية والأدبية) فقد ظهرت مجموعة من الكتب في الألقاب، سواء الألقاب الوظيفية، أو ألقاب الشعراء ونحوهم، وبقيت الحاجة المُلحّة لمعجم خاص بالألقاب العلمية والأدبية، فنهدت إلى عمل ذلك، واستغرق ذلك من الوقت والجهد ما يعلمه الله تعالى، ونشرت المقدمة التي تقع في أكثر من مئتي صفحة سنة 1435هـ في مكتبة الرشد بالرياض بعنوان: (الألقاب: مقدمة معجم الألقاب العلمية والأدبية)، أما متن المعجم فهو الآن في أكثر من عشرة آلاف بطاقة، وقد بلغ عدد المصادر والمراجع ما يقرب من تسعمئة، وهو في - حدّ علمي - أول معجم يجمع أكبر عدد من الألقاب العلمية والأدبية.
وهناك (معجم التوقيعات المستعارة) الذي صدر سنة 1426هـ عن نادي أبها الأدبي، ويشتمل على 1600 توقيع مستعار.
وهناك (معجم الأذواء والذَّوات) ويقع في آلاف البطاقات.
وقد أخصّ بعض المجالات بعدّة كُتب، مثال ذلك (الصحافة) ففيها ألّفت ما يلي:
1- الصحافة في بلاط امرأة (تاريخ الصحافة النسائية في مئة سنة) قيد الطبع.
2- الصحافة العربية الساخرة (1290 – 1390هـ) طبع سنة 1432 في نادي أبها الأدبي.
3- الدوريات العربية في مؤسسة المدينة للصحافة بجدة (ببليوجرافيا) طبع سنة 1413هـ.
4- لمحات عن الصحافة في عسير (1342 – 1434هـ) طبع سنة 1435هـ.
5- الشِّعر في بلاط الصحافة (معدٌّ للطبع).
6- الصحافة الإسلامية (1281 – 1416هـ) (معدٌّ للطبع).
7- الصحافة (ببليوجرافيا).
8- الصحافة.. مواقف وطرائف.
9- دليل الصحافة العربية.
وخَصَصْت (الأُمّ والأُمومة) بمجموعة من الكتب، منها:
1- إلى أمّي (الأم والأمومة في الشعر العربي) ويحتوي على قسمين، الأول دراسة عن الأم والأمومة في الشعر العربي من الجاهلية إلى اليوم، والقسم الثاني توثيق نصوص الشعر الذي قيل في الأم والأمومة منذ القرن الهجري الأول إلى يومنا هذا، ويقع في نحو (900 صفحة).
2-الأمّ والأمومة (ببليوجرافيا) (160ص).
3- الأمّ: نَبْع الحنان الذي لا ينضب (قصص ومقالات وأبحاث عن حنان الأمّ) (180ص).
4- الأمّ في القرآن والسُّنَّة.
5- أمهات الأنبياء عليهم السلام.
6- عيد الأمّ في الشعر العربي.
ثانياً: استشهاد القائل بأنّ ابن مُعَبِّر يكتب في كل شيء بجمعي لرسائل الدكتور غيثان بن علي بن جُريس في ثمانية مجلدات، ولهذا أقول: لا تُعدّ هذه الرسائل المتبادلة مجرّد رسائل شخصية بحتة، فهي في المقام الأول من الوثائق التاريخية، فهناك ما يقرب من مجلدين اشتملا على الرسائل الفردية، التي أودع فيها أصحابها الكثير من المعلومات الاقتصادية والاجتماعية، والسياسية، والتاريخية، مما لا يوجد في كتاب أو وثيقة، ولا سيما في مناطق الجنوب السعودي، وتقع بعض هذه الرسائل في عدة صفحات، يصل بعضها إلى عشرين صفحة.
وليت الدكتور غيثان يستجيب لطلبي في جمع (الوثائق العامة) التي توجد في مكتبته، وهي تربو على (35000) وثيقة، تدور في فلك تاريخ وحضارة الجنوب السعودي، فهي - بلا شك - من الذخائر العلمية الخالدة.
ثالثاً: الكتب التوثيقية عن بعض الأعلام المغمورين، وأحتج على نعتهم بالمغمورين، فهم من الأعلام المشهورين، وعلى أقلّ تقدير في مجتمعاتهم، وبعضهم ممن شهدت الساحة الثقافية والعلمية أعمالهم.
* نعلم أنّك دخلت إلى عالم النشر والتوزيع كتاجر هاو وليس من المحترفين، فأسست (دار جُرَش للنشر والتوزيع) فما هي قصة هذا المشروع الذي لم يكتب له الاستمرار.
أنتم تنكأون الجراح، ولـمّا تلتئم، ودار جُرش تجربة فاشلة، ولم أحصد منها إلاّ الأعباء المالية المرهقة، إضافة إلى الوقت الذي ذهب هدراً.
و(أصل الحكاية) حسب تعبير الكاتب المصري الساخر محمود السعدني، في فكرة قدحت في ذهني سنة 1408هـ، أدخلتني في عالم النشر والتوزيع، ورسمت في خيالي الأحلام والآمال لذلك الناشر الذي سيقتحم في البحر اللُّجّي، وأنَّ دار جُرَش ستكون من كبريات دور النشر في العالم العربي.
وبدأت بإنشاء مكتب ومكتبة في مدينة خميس مشيط كمقر رئيس للدار، وفتحت فرعاً في مدينة جدة، وآخر في مدينة الرياض سنة 1409هـ، بل اشرأبّت همتي، ففتحت فرعاً في مدينة القاهرة، واشتريت مقراً لهذا الفرع يقع إلى الجنوب من الجامع الأزهر، ولا يفصله عن الأزهر إلا الشارع.
ثم جاءت سنة 1411هـ وفيها حصل العدوان العراقي على الكويـت، مما أحدث ربكة في أعمال الدّار وهي في عُنفوان نشأتها، ويؤازر ذلك ضـآلة خبرتي في أعمال النشر والتوزيع، مع اندفاعي وطموحاتي الخيالية، وحاولت الاستمرار لبضع سنوات، ولكنها محاولات لا ثمرة لها، فأغلقت الدار سنة 1416هـ،وهي مثقلة بالالتزامات المالية التي يئنّ لها جَيْبي حتى الآن، وعدت بخفّي حُنين.
وقد أصدرت من خلال هذه الدار أكثر من خمسين عنواناً، منها ما يخصنـي، ومنها لغيري، وتراكم عندي أكثر من ستين ألف نسخة، تخلصت منها بالإهداء للمكتبات العامة والأفراد، ولا سيما المكتبة العامة بمحافظة خميس مشيط التي حظيت بنصيب الأسد، وقد أحسن مديرها (عبد الله بن علي آل مُثِيب) في استغلالها في مصلحة المكتبة، فقد أخذ في إهداء نسخ منها إلى المراكز والهيئات العلمية في المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج، مما حدا ببعض هذه الهيئات إلى إهداء المكتبة العامة بخميس مشيط بالكثير من مطبوعاتها.
* هل لك على مستوى الساحة الثقافية في منطقة عسير مشاركات منبرية فاعلة، أو عضويات في المراكز الثقافية على اختلاف أنواعها؟
لست من فُرسان المنابر، بل من أصحاب المحابر، سوى مدة قصيرة (1401 – 1406هـ) في نطاق بيت الشباب بأبها، ومكتب الرئاسة العامة للشاب بأبها أيضاً، ويعود الفضل في ذلك - بعد الله سبحانه - إلى مدير بيت الشباب (خالد بن إبراهيم الزهراني) ومدير مكتب الرئاسة (أحمد بن يحيى الفائز) فقد أتاحا لي فرصة المشاركة في النشاطات الثقافية والاجتماعية والفنية، فانطلقت في إعداد المسرحيات والحفلات التي جرت على خشبة مسرح بيت الشباب بأبها، وكان لها صدى لا بأس به في محيط مدينتي أبها وخميس مشيط، وقد شاركت في هذا المنبر بكل فعالية ونشاط، وهو آخر عهدي بالمنابر الثقافية.
أما العضويات في المراكز الثقافية، فأنا لا أحرص على الانضواء كعضو، مع تواصلي مع بعض هذه المراكز، ومنها (نادي أبها الأدبي) و(جماعة أبوللو) في القاهرة، وغيرهما، ولم أسجل كعضو في أي هيئة إلاّ في (الجمعية العربية السعودية لهواة الطوابع) و(جمعية هواة الطوابع) في بيروت.
وأسعى إلى مبدأ الاستقلالية حسب العُرف السياسي، والدافع إلى ذلك هو الحرص على الوقت، وعدم تبديده هنا وهناك، وكما قال الشاعر:
صَفْو الزّمان عزيز المطلب
والعُمْر يجري كانقضاض الكوكب
* ما هو السِّر في تعلّقك بموقع (جُرَش) الأثري الشهير، حيث نلحظ أنّك ألّفت عنه أكثر من كتاب، وسمّيت دار النشر التي أسستها باسمه؟
تُثير بعض المفردات العربية في الأذن والنَّفس نوعاً من النشوة، أو الإثارة، ولا يخفى ذلك عند الشعراء الفحول، وأصحاب الذّائقة الأدبية.
وهكذا كان أثر لفظة (جُرَش) في أذني ونفسي منذ أن سمعتها في سنة 1392هـ، حين كان يرددها الشيخ سعيد بن عيّاش الغامدي، قاضي المحكمة الشرعية بمدينة خميس مشيط، وقد كتب عن جُرَش بحثاً نشره في مجلة (العرب) في ذات السنة.
وكانت لنا نزهة عائلية مع العم عبد الله بن محمد معبِّر، واستقربنا المقام في السفح الجنوبي لجبل حَمُومة، ثم صعدنا الجبل، وأشار العمّ إلى جُرَش وإلى جبل ضَمك ، فاستقرت صور جُرَش في ذاكرتي حتى الآن.
وقرأت كتاب السيرة لابن هشام في سنة 1399هـ، وفيها قصة فتح جُرَش في السنة العاشرة للهجرة.
ومن هنـا بدأت أتتبع جُرَش وأخبارها، وجمعت طائفة من ذلك، ولم يدر بخلدي الكتابة والتأليف عنها إلاّ في سنة 1403هـ، إذ نظرت إلى حصيلتي من هذه المعلومات، فوجدتها - على قِلّتِها - تصلح في بناء كتاب عن جُرَش، ولم تشارف سنة 1405هـ حتى أنجزت كتابي (مدينة جُرَش من المراكز الحضارية القديمة) وتعثر صدوره حتى سنة 1408هـ، حيث صدر عن دار جُرَش، وهو أول كتاب عن هذه المدينة حسب علمي.
وزاد تعلقي بمدينة جُرَش وأحوازها وسكانها، فكانت لي بعض الكتب والأبحاث ومنها: (أحد رُفَيْدة وجُرَش: علاقة المكان والسكّان، نشر سنة 1434هـ) و(تقرير المشروع الأثري والسياحي لإحياء مدينة جُرَش، صدر سنة 1427هـ) و(قصة البحث عن جُرَش، صدر سنة 1434هـ) و(جُرَش: أبحاث وفصول) و(جُرَش: أوراق عمل ونظرة أمل) و(الطريق إلى جُرَش: 1399 – 1434هـ) و(جُرَش: ببليوجرافيا) وغيرها.
وبذلك أصبحت لفظة (جُرَش) ذات مكانة عالية في نفسي، أطرب لسماعها، وأتشوف أخبارها في كل ما يقع تحت يدي من كتب ومطبوعات، ووسمت بها دار النشر التي أسستها في سنة 1408هـ، وجعلتها عنواناً لمقامات أدبية كتبتها وهي (المقامات الجُرَشية) وجمعت قصائد من عيون الشعر العربي تحت عنوان (ديوان جُرَش) ومن الحبّ ما أتعب وأسهر وأضْنى.
* في استعراض سريع لأكثر المؤلفين السعوديين إنتاجاً، ظهر لنا منهم: محمد العبودي، وابن عقيل الظاهري، وعلي الحازمي، وحمد الجاسر، وعاتق البلادي، ومحمد مُعَبِّر، وغيرهم، فهل كثرة المؤلفات تدل على جدية المؤلف أم العكس.
لن أتحدث إلاّ عن مؤلفاتي، فمن ذكرتم في سؤالكم من الذين لا يُشكّ في جدّيتهم، وجودة ما نشروه، سواء في مؤلفات مستقلة، أو من خلال المجلات والصحف، فهم من القامات العالية في بلادنا.
أما ما يخص مؤلفاتي وكثرتها، فلا أدّعي جودتها كلّها، ولا أغمط حقّ نفسي فيما يخص الجدّية، إذْ لا أفكر في إعداد أي كتاب حتى تتلبسني الجدّية المطلقة، وينحصر التفكير في مصادر معلوماته، وأنطلق في تحصيلها بكل عزم وإصرار، واشتري أي كتاب يتعلق بموضوع كتابي، وقد يستغرق تحصيل المعلومات بضع سنوات، وقد يمتد إلى أكثر من عشرين سنة، كما هو الحال مع (معجم الأذواء والذوات) و(معجم الألقاب العلمية والأدبية) و(معجم الرحلات والرحالة: ببليوجرافيا)و (مَعْلَمَة الحمير) و(معجم التوقيعات المستعارة) و(إلى أمي: الأمّ والأمومة في الشعر العربي) و(معجم العمران في منطقة عسير) وغيرها.
وبمعنى أدق أقول: لقد قضيت سنوات العمر الماضية في القراءة والبحث، لا أتوقف عنها ليوم واحد إلاّ لظروف قاهرة، ولعلّ من أهم السنوات الماضية هي الواقعة في المدة (1405 – 1410هـ) التي عملت فيها كأمين للمكتبة المركزية التابعة لفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بأبها، وكنت حينذاك في رحاب العُزّاب، مما يجعلني أعود إليها - بعد فترة الدوام العادية - في الليل، وأستغرق في القراءة والبحث حتى يصدع أذان الفجر، وهي مكتبة حافلة، تحتوي على ما يقرب من (40000) من العناوين العربية.
ولم يصل عدد العناوين في مكتبيتي الخاصة إلى أكثر من (23000) إلاّ بسبب الشراء للكتب - من داخل السعودية وخارجها - التي أحتاجها لكل بحث.
ولا أهمل علاقتي الدائمة مع المكتبتين العامتين في مدينتي أبها وخميس مشيط، والمكتبة المركزية لجامعة أم القرى، ورصيفتها في جامعة الملك عبد العزيز، والمكتبة العامة بجدة، وغيرها.
أفلا يعني ذلك الجدّية في سبيل إعداد مؤلفاتي، التي أحرص على بلوغ الغاية لكل كتاب منها، أمّا الحكم على جودتها فمرتهن برأي القُرّاء من العلماء والأدباء والباحثين الجادّين.
* تربطك بعدد من المثقفين علاقة طيبة على مستوى المملكة، وخاصة منطقة عسير، فمن أقربهم إلى نفسك؟
بسبب تعدد مجالات البحث التي طرقتها، فإنهم من الكَثْرة بمكان لا يمكن حصرهم جميعاً، وهم على قسمين، فمنهم عرفتهم مباشرة بشخوصهم، ومنهم من تعلقت بهم من خلال مؤلفاتهم، وأكتفي هنا بذكر بعضهم مع الاحتفاظ بالألقاب، والعِرْفان لمن لم أذكرهم، وهم كما يلي:
(حمد الجاسر) (محمد العبودي) (عاتق البلادي) (سعد الجنيدل) (أحمد علي مطوان) (محمد أحمد جمال) (حمّاد السالمي) (محمد عبد الله الحميّد) (غيثان بن جريس) (أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري)(أبو تراب الظاهري) (حجاب الحازمي) (علوي طه الصافي) (عبد الله أبو داهش) (أحمد التيهاني) (محمد علي مغربي) (محمد أحمد العقيلي) (بكر أبو زيد) (علي آل عمر عسيري) (أحمد الضُّبَيْب)(إبراهيم البليهي) (عبد الله بن خميس) (عبد الله بن إدريس) (فرّاج ابن شافي الملحم) (فهيد بن عبد الله السبيعي) (محمد بن جرمان العواجي) (علي بن عبد الله جرشي) (يحيى با جنيد) (علي السلوك الزهراني) (عائض القرني) (أحمد قنديل) (صالح أبو عرّاد) (محمد سعيد القحطاني) (حسين سرحان).
* هل صادفتك عوائق عرقلت من سيرك أثناء طباعة كتبك الكثيرة؟
وما مدى تعاون المؤسسات الثقافية الحكوميـة معك، ودور النشر الأهلية؟
الإجابة على شِقّي السؤال: حدّث ولا حرج، عن العوائق، وعن انصراف المؤسسات الثقافية، ودور النشر الأهلية، فكم أرسلت من الرسائل وفيها طلب نشر بعض كتبي، فَيُرَدّ على بعضها بالاعتذار عن النشر، وهو الأقل، وتقابل الرسائل الأخرى، وهي الأكثر، بالصمت المطبق.
ولذلك أقوم بطبع بعض الكتب على نفقتي، وبعضها يطبع على نفقة من لهم صلة بمن كتبت عنه، إلاّ أن هذه الكتب المطبوعة تواجه عقبة التوزيع، فأعمد إلى توزيعها على بعض المكتبات العامة والجامعية والأفراد مجاناً.
أما الأندية الأدبية فتهمل رسائلي إليها، عدا نادي أبها الأدبي الذي طبعلي (معجم التوقيعات المستعارة) و(الصحافة العربية الساخرة).
وأمام هذا الواقع المرير، وعبر ملحق (الثقافية) بصحيفة الجزيرة، أرفع صوتي، وأقول للهيئات الثقافية الحكومية، ودور النشر التجارية: هاكم كتبي فانشروها، وأعفيكم من الحقوق المادية، سوى بعض نسخ من الكتاب، فهل أنتم فاعلون.
* شاهدنا مكتبتك الخاصة، التي تضم أكثر من (23000) عنوان، فهل هي متاحة للباحثين، وطلبة الجامعات؟
وهل توجد فيها مخطوطات مهمة؟
ومتى كان تأسيسها؟
نعم، هي متاحة لكل من يريد أن يقرأ، أو يبحث، منذ نشأتها قبل أكثر من أربعين سنة.
أمّا المخطوطات، فلا تكاد تُذكر، فأنا أهتم بفهارس المخطوطات، أكثر من المخطوطات نفسها، ففي المكتبة أكثر من (400) من فهارس المخطوطات في العالم، حيث أستفيد منها في أعمالي الببليوجرافية.
أما تاريخ تأسيسها، فإذا اعتبرت نواتها الممثلة في مجموعة كتب والدي - حفظه الله تعالى - هي بداية التأسيس، حيث سجل والدي تاريخ حياة أقدم كتاب في هذه المجموعة في سنة (1377هـ) وبذلك يكون عمرها الآن (1438هـ) (58سنة).
أمّا إذا قُدّر عمرها بما بدأته أنا، فقد حصلت على كتابين في سنة 1388هـ، ومن ثم واصلت الاقتناء، وبذلك يصبح عمر المكتبة (50سنة).
وصلنا كتابك المطبوع (معجم العمران في منطقة عسير) وقرأنـا على غلافه الأخير إعلاناً عن قرب صدور (معجم الملابس والزينة في منطقة عسير) فهلا حدثتنا عن ذلك؟
بدأت فكرة المعجمية اللُّغوية عن منطقة عسير في سنة 1411هـ، إذْ بدأت في جميع المفردات اللغوية في عسير مع تأصيلها، ووضعت لذلك عنواناً هو (مِلْحُ الطّارش)، وبلغ عدد بطاقاته أكثر من (16000) بطاقة.
وحين فكّرت - سنة 1436هـ - في نشر بعض الموضوعات في كتاب (القول المكتوب في تاريخ الجنوب) لمؤلفه الدكتور غيثان بن جريس، عُدت إلى بطاقات (ملح الطّارش) فاستخرجت منها ما أصبح موضوعاً بعنوان (الكنايات والعبارات الاصطلاحية في منطقة عسير ) وتم نشره في (القول المكتوب …).
وحينها فكّرت في الاختصاص، بحيث أستخرج من البطاقات ما يخص كل موضوع على حدة، فهو أدعى إلى التركيز، فبدأت بمعجم العمران، وتلاه معجم الملابس والزينة، وهناك من هذه المعاجم على بطاقات، وهي:
-معجم الأدوات والآلات في منطقة عسير.
-معجم الأمراض والعلاج في منطقة عسير .
-معجم الحيوانات في منطقة عسير.
-معجم الزراعة والنبات في منطقة عسير.
-معجم السلاح في منطقة عسير.
-معجم الصناعة والتجارة في منطقة عسير.
-معجم الطعام والشراب في منطقة عسير.
-معجم الطّيب والعطور في منطقة عسير.
-معجم الكنايات والعبارات الاصطلاحية في منطقة عسير.
-معجم المنـزل والأثاث في منطقة عسير.
-معجم النّقل في منطقة عسير.
وقد وضعت حدّاً زمنياً لهذه المعاجم، يبدأ سنة 1335هـ وينتهي في سنة 1435هـ.