-1-
الكُتّاب, كلّ الكُتّاب يعيشون في ظل غيمة!
هذه الغيمة قد تكون ولودًا لا ينقطع لها نسل, وقد تكون من جنس ( سحابات الصيف العابرة)
-2-
بعض الكُتّاب - وهم ليسوا محور حديثي هنا - هم أولئك الذين يعانون من (قفلة الكاتب), وهي : «حالة ترتبط بالإلهام والكتابة, حيث يُصاب فيها المؤلف بعدم القدرة على إنتاج أي عمل جديد, أو يعاني فيها من التباطؤ في عمله الإبداعي»
هذه الحالة ( قفلة الكاتب) حالة موثقة تاريخيًا.
-3-
معظم الكُتّاب تعجبهم فكرة التفرُّد، ولا عيب في ذلك!
إلاّ أنّ الأمر قد يبدو أكثر حساسية عند البعض منهم؛ فإذا ما شعر بأنه أصبح مستهلكًا أكثر من اللازم؛ تعمّد الاختفاء في ظروف غامضة، للحصول على الترويج العاطفي.
فالناس بطبيعتها تكون أكثر عاطفية ودفاعًا وحماسًا للجانب الأضعف, أو الغائب على حد سواء.
-4-
في هذا السياق مازلت أتذكر تعاطفنا العربي مع تلك الكاتبة الأوربية التي لم تكتب في حياتها إلاّ عملاً واحداً في عدة صفحات محكمة . لم تنشرها إلاّ في الثمانين من عمرها, وظل ذلك العمل هو عملها اليتيم المخلد.
كانت ردود القراء العرب على الخبر عاطفية جداً ، معظمها يتجه لاتهام دور النشر بأنها تحابي الأسماء اللامعة، وتهمل الرائعين من المغمورين، ومن هنا جاء الترويج لنتاجها على أنّ غيرها جاء بمثله، لكنه أسرف في السطوع الذي يزعج الذهنية العربية - خاصّة - لأسباب ربما تتعلق بطريقة النشأة والبيئة, والسائد والمتعارف عليه، في الوقت الذي كانت تجيد هي الاختباء.
-5-
مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي ظهر لنا نوع خاص من الكُتّاب الذين يتمتعون بنوع من النرجسية – إنْ صحّت تسمية الحالة بهذا الاسم - ، حيث أبرزت لنا تلك المواقع جانبًا من الأشخاص الذين يريدون أن يخلعوا على منشوراتهم صفة الفرادة، فلا يضعون إلاّ منشورًا محددًا، بتوقيت الذروة في مخيلتهم، وبحسب متابعيهم، لتبدأ عملية الترتيب الداخلي على النرجسية وهم يستحضرون الأسماء المهمة التي زارت منشورهم, ليصلوا إلى ذروة النشوة في تحسُّس مَواطِن الإبهار, فيما كتبوا ولا عيب في ذلك أيضًا, فهو طريقة خاصة تحقق لهم تقديراً وتقييماً خاصاً يكون سبباً في تدريب أقلامهم على السير نحو الأفضل.
-6-
كانت تجمعني جلسات عابرة مع بعض الشخصيات التي تمتلك أقلامًا جميلة, لكنها تؤجل فكرة النشر لغاية مثالية جداً تشبه قصة الكاتبة الأوربية المذكورة في بداية هذا المقال , المتمثلة في فكرة عمل واحد تكون النهاية بعده مغرقة في الشعور بالزهو والعاطفة.
هذه النوعية تخشى انحدار الأداء, ويهمها الحفاظ على السمعة, فتظل تربكها فكرة المقارنات سواء بين أعمالها, أو بينها وبين الآخرين الذين قد يأتون عقب مسيرتها.
هذه النرجسية ذات النهايات العاطفية الفاخرة، من الطبيعي أن تراود الكاتب ، لكن من غير المعقول أن يجعل منها طموحًا، فهنا تتحول المسألة إلى مرض أكثر منها شعوراً فردياً بالزهو .
وختامًا:
سأترك الباب مواربًا هنا عن هواجس الكتابة لأكمل ما تبقّى في الأسبوع المقبل بمشيئة الله.
** **
- د. زكيّة بنت محمّد العتيبي