سمر المقرن
أحببت القرارات الجديدة الصادرة عن وزير التعليم، والتي تسمح للطالبات الخروج من الجامعة قبل الظهر بدون موافقة ولي أمرها، وأتذكر أنني عانيت كثيراً أثناء دراستي الجامعية من منع الخروج ووقتها كنت طالبة وأُماً، وكان أحياناً هناك وقت طويل بين المحاضرتين أو تنتهي المحاضرة الأولى مبكراً وتكون الثانية قد ألغيت، فكنت أستغل الوقت لأقضي هذا الفراغ مع أطفالي بالمنزل أو أن أذهب لأخذهم من المدرسة، الجميل أنه بعد هذا القرار أصبحت هذه الذكريات من الماضي، ليست ماضياً لي فحسب لأنها مرحلة وانتهت، بل ماضٍ لن يعود لأنه لم يَعُد هناك أي قرار يمنع الطالبة من الدخول والخروج وقت ما تشاء. ولأنني مؤمنة بأنّ المرحلة الجامعية هي مرحلة نضج، وأنّ كل فتاة مسؤولة عن نفسها، وأنّ من تريد الفساد لن يمنعها قرار منعها من الخروج قبل الظهر، فلذا أنا فرحة جداً بهذه التغييرات. وأتذكر أنّ قرار منع البنات من الخروج قبل الظهر لم يكن معمولاً به في السابق، بل هو قرار دخل علينا في المرحلة التي وقفت فيها على سمائنا غيمة أفكار الصحوة، بكل متغيراتها الفكرية التي جعلت الفتاة دائماً متهمة، وأنّ من تريد الخروج مبكراً من الجامعة مشكوك فيها!
القرار الآخر الجميل هو السماح للبنات باستخدام جهاز الجوال داخل الجامعة، الذي أسعدني في هذا القرار ليس فقط السماح بالجهاز، إنما نهاية كل ما حوله من سلوكيات في استخدام أسلوب التفتيش ونهج المساءلة غير المبررة، ففكرة تفتيش الطالبة بحد ذاتها غير مقبولة!
فعلاً كل شيء من حولنا يتغير بسرعة للأجمل، إننا نتجه في طريق النور بعد أن قشعنا ظلام الصحوة الذي أرهق مجتمعنا كثيراً. لكن ما أتمناه من بناتنا الحبيبات أن لا يسئن استخدام هذه الحرية، وأن يقدمن النموذج الراقي الذي يستحق هذه الحرية، فلا أتمنى أن أسمع عن طالبة خرجت ولديها محاضرة، أو طالبة فتحت جهاز الجوال أو أمسكت به داخل المحاضرة، يظل للحرم الجامعي احترامه وتقديره، وبناتنا قادرات على تقديم النموذج الإيجابي في ممارسة هذه الحرية، لأنّ القيود والقوانين السلبية لم ولن تمنع الخطأ، إنما يمنعه الشعور بالمسؤولية، والتعامل بقدرها. وبما أننا في وارد الحديث عن البنات والجامعات، فلا بد من التذكير بضرورة الالتفات إلى الطالبات اللواتي يعشن في السكن الجامعي، وقد تناولت قضاياهن في هذه الزاوية عدة مرات، هنّ أيضاً بحاجة إلى قرارات جديدة تغير حياتهن.. وألف مبروك لبناتنا الحبيبات.