أحمد بن عبدالرحمن الجبير
في مجلس الشورى، جنود مجهولون، وخبرات رجال دولة في مختلف التخصصات، وجهود لا يمكن لمن يتعرف إليها عن قرب إلا وينصف الشوريين، ويؤكد بأنهم مظلومون، فيما يقال عنهم سلبا، حيث تعودنا على نكران جهودهم، والتعرض لهم بالسوء من القول، والنقد المسموم، وقد أتيح لي كمراقب لأداء المجلس أن أطلع، وعن كثب على تجربة وطنية تستحق الاحترام، والتقدير وعلى كفاءات عالية القامة والقيمة.
إنجازات المجلس كبيرة، ولأن الشوريين، لا يبحثون عن الأضواء، والعلاقات العامة، وليسوا من رواد المكاسب الإعلامية على حساب مكاسب الوطن، فإنهم وبحق ثلة من رجال الوطن الأوفياء، ومن القامات التي عملت في بلادنا من أجل أن يكونوا قادة لهم القدرة على تحديث وتطوير الحياة التشريعية في المملكة، وما شهده المجلس في دوراته السابقة والحالية من خطوات جبارة وراقية زادت من صلاحياته، يجعلنا نتفاءل بمستقبل واعد لمجلس الشورى.
سعدت بزيارة مجلس الشورى الأسبوع الماضي، ووجدت معالي رئيسه، وجميع أعضائه وموظفيه يتحملون مسؤولية عظيمة في الدفاع عن منجزات المجلس، ويسعون إلى فتح قنوات اتصال جديدة، ومناسبة لخدمة الوطن والاهتمام بالمواطن، فمجلس الشورى يضطلع بالكثير من الأعمال، والمنجزات العظيمة التي تخدم المواطن والمجتمع، ويسعون بكل جهدهم نحو تقديم صورة حقيقية عن أعمال المجلس، فبنظرة سريعة لما يقوم به المجلس نلاحظ تنوعاً في البرامج المقدمة في منظومة مرتبة تعطي كل ذي حق حقه.
سعدت خلال الزيارة بمقابلة معالي رئيس المجلس فضيلة الشيخ الدكتور عبد الله آل الشيخ ونخبة من أعضاء المجلس، ولاحظت مشاركات أعضائه الفاعلة والمتخصصة، والتي جعلت من المجلس برلمانا فاعلا رسّخ عظمة الإنجاز التاريخي للمملكة، فعند حضوري إحدى جلسات المجلس لاحظت أن للمجلس دورا كبيرا في مراجعة الأنظمة، وتحسين الأداء، وتطوير التشريعات، ومناقشة العديد من اللوائح، والاتفاقيات المالية والإدارية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والعلمية وقضايا حقوق الإنسان، وكل ما له علاقة بأمن واستقرار وسلامة الوطن والمواطن.
ولاحظت أيضا أن المجلس أصدر عدداً من القرارات الهامة لتطوير التعليم، ودعم مشاريع الإسكان والصحة، والتدريب التقني والمهني، ونظام القضاء وتوطين الوظائف، والإعلام المرئي والمسموع، وقطاع الأعمال والمال والاقتصاد والطاقة، وتوظيف الميزانيات المخصصة لها وفق الخطط الموضوعة، ودراسة السياسة البترولية المعتدلة القائمة على الأسس الاقتصادية التي تراعي فيها المملكة مصالح المنتجين، والمستهلكين.
لقد أولى المجلس اهتمامه بحقوق الرجل والمرأة ومكافحة الفساد، وتعزيز النزاهة وإساءة استخدام السلطة، ومنع التعديات على الأراضي الحكومية، وتقييم إسهام الاستـثمار الأجنبي في الاقتصاد الوطني، والمعوقات التي تواجه المنتجات السعودية، ومكافحة الغش التجاري، ودعم بنوك التنمية والصناعة والتسليف، والبرامج الخاصة بإقراض شباب وشابات الوطن، ودعم صندوق الموارد البشرية، ودعم الجمعيات الخيرية، والكشف عن المواهب الرياضية.
ولقد اهتم المجلس كثيرا بالشأن المحلي، وفتح نوافذ عديدة لاقتراحات المواطنين، وشكاواهم من خلال استقباله عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي آلاف الرسائل، وحول بعضها إلى أنظمة ودعا عددا من شرائح المجتمع المتنوعة من بينهم ذو الاحتياجات الخاصة، والمتقاعدون والإعلاميون، والكتاب وحاورهم، واستمع إلى مقترحاتهم، وأيضا دعا عدداً من الوزراء، والمسؤولين في الدولة وناقشهم فيما يخص أداء وزاراتهم في خدمة المواطن.
كما أنّ زيادة أعضاء مجلس الشورى، ودخول المرأة كعضو في المجلس فتح المجال لمزيد من شرائح المجتمع في إثراء مناقشات المجلس، وتنوع التخصصات، وتوسيع المشاركة، وأصبح عضو مجلس الشورى أمام أنظار العالم يجسد النموذج الأمثل للإنسان السعودي، فالتجربة البرلمانية للمملكة دخلت في عمق المحافل الدولية، وأبرزت الدور الفعلي للمجلس في دعم توجهات المملكة تجاه العديد من القضايا العربية والإسلامية والعالمية.
ونجح المجلس في انتهاج سياسة إعلامية رصينة تعكس مكانته في بنية نظام الحكم، وأهمية أدواره المتعددة في نشر مبادئ حرية التعبير والحوار، والاستماع للرأي الآخر، والسماح للإعلاميين بحضور مناقشاته العامة، وتم تعيين متحدث رسمي له للرد على أسئلة الصحفيين في الداخل والخارج، وهذا بفضل الله ثم بفضل ما وفرته حكومتنا الرشيدة بقيادة ملك الحزم والعزم الملك سلمان وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله - وتوجيهاتهما السديدة بالاستثمار في الإنسان السعودي لأنه أساس التنمية.
وأعتقد جازما بأن مجلس الشورى السعودي اليوم مؤهل لأن يقوم بهذا الدور المهم في تنمية المملكة وتطويرها، وتحقيق طموحات الوطن والمواطن والقيادة كلما تطور في تنظيمه وتشكيلاته وصلاحياته، سيكون مؤسسة قادرة بإذن الله على متطلبات المرحلة القادمة، والجديدة من تاريخ المملكة، وليكون صِمَام أمان ليسير بالوطن بالاتجاه الصحيح نحو تحقيق أهداف التحول الاقتصادي 2020م في ظل الرؤية السعودية 2030م.
لقد سعدت بما شاهدته من إنجازات عظيمة وحسن تنظيم في مجلس الشورى، والذي أثلج صدري وهو بلا شك جهد عظيم يستحقون عليه الشكر، وعلى رأسهم معالي رئيس المجلس فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله آل شيخ صاحب الخلق الرفيع، والشخصية الفذة, والشكر موصول للنائب والمساعد والأمين العام، وأعضاء وعضوات المجلس، والمشرف على العلاقات العامة سعادة الدكتور محمد المهنا، ولكل من شارك في أعمال المجلس على الجهود الجبارة والمتميزة والعمل المتواصل، حيث قدموا المجلس بهذا المستوى المشرف والرائع.