رقية سليمان الهويريني
حين تحول مفهوم النقل البري عبر القطار لصناعة اقتصادية؛ كان لا بد من إيجاد مرجع متخصص لتقديم التدريب التقني لصناعة الخطوط الحديدية، وتأهيل الكفاءات الوطنية لتولي إدارة وتشغيل وصيانة مرافق الخطوط الحديدية باستخدام معايير تدريب دقيقة من خلال الاستعانة بكوادر تدريبية وخبرات عالمية في هذه الصناعة.
كان ضمن برنامج تجربة السفر بالقطار إجابة لدعوة الشركة السعودية للخطوط الحديدية «سار» زيارة المعهد السعودي التقني للخطوط الحديدية (سرب) Saudi Railway Polytechnic في مدينة بريدة.
وما أدهشنا عند وصولنا إلى المعهد، وما رأيته على سحنات أبنائي الطلبة هو الجدية وروح المثابرة والتنافس، ولمست أثناء زيارتنا للفصول الدراسية الثلاثة الاندماج الثقافي بينهم في أبهى صوره، حيث عرَّفوا بأسمائهم ومقر سكنهم الأسري، فلاحظت قدومهم من جميع مناطق المملكة. وبثقة في النفس وتطلع للغد تحدثوا بحضورنا وتحاوروا بطلاقة مع المدرب بلغة إنجليزية. وفي الورشة قدَّم لي أحد الطلبة قطعة حديدية من مكونات القطار، وشرح عملها وكيف صنعها وتشكيلها بعد تمرين يده على التعامل مع الألمونيوم والحديد!
وتشمل الدراسة في المعهد ثلاثة مستويات: السنة التحضيرية يتدرب بها الطلبة على دراسة اللغة الإنجليزية ومواد الإعداد العام، ثم السنة الثانية يدرسون الجوانب النظرية والتطبيقية لمواد التخصص، ثم يأتي التطبيق العملي (On-the-Job-Training) وفيها يلتحق المتدرب ببيئة عمل حقيقية في أحد المواقع التابعة لشركة سار، حسب تخصصه لتدعيم الجانب المعرفي، ومن ثم اختبار كفاءته في أداء متطلبات الوظيفة كقيادة القطارات وتشغيل وإدارة المحطات والاتصالات والتحكم بالخطوط الحديدية وصيانة القاطرات والعربات.
وفي المعهد شاهدنا كيف يتم تجهيز الحجارة التي تسير عليها العجلات وأنواعها بحسب المناطق التي يمر بها القطار، كما شاهدنا غرفة التحكم وكيف يتم استلام الإخطارات والتواصل مع جميع الخطوط.
وكان لكاتبة هذه السطور تجربة قصيرة بقيادة القطار الثابت - الذي يمثِّل البيئة الحقيقية لتدريب الطلبة - وكان من نتيجة القيادة دهس عدد من الإبل المعترضة للقطار رغم أنني أطلقت صافرة التنبيه، ولكني التزمت مسار الطريق ولم أعرّض القطار للانقلاب!
قبل مغادرتنا للمعهد توجهت بسؤال تحدٍّ للمهندس عبد العزيز محمد الصقير ربان المعهد ومديره العام: هل بإمكان هذا المعهد هز عرش سابك والمصانع المشابهة؟! فأجاب بثقة مدفوعة بروح المسؤولية والتفاؤل: ما سترونه على أرض الواقع من جهود أبنائنا سيهز العالم ويبهره!!