«الجزيرة» - أحمد المعلوث:
تتجه أنظار المراقبين ورجال السياسة في العالم والشعبين السعودي والروسي إلى زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لروسيا وكما يعلم الجميع أهمية زيارة الملك سلمان وفي هذا الوقت بالذات الذي تواجه فيه عديد من دول العالم تحديات عديدة أهمها بالطبع «الإرهاب» وضرباته الموجعة التي بدأت تنتشر في عديد من دول العالم. كذلك ما يعيشه الشرق الأوسط ومنذ سنوات من حروب واضطرابات مختلفة إضافة إلى الأزمة التي بات البعض يطلق عليها «الأزمة القطرية» بعد مقاطعة أربع دول لدولة قطر.. ولا شك أن اختيار وقت الزيارة عادة ما تتحكم فيه ظروف خاصة بين الدولتين المهمتين المملكة وروسيا لما لهما من مكانة رفيعة على مختلف المستويات الاقتصادية والسياسية إضافة إلى كون المملكة تعد رائدة العالمين العربي والإسلامي.. ما يجعل لها اعتبارًا وقيمة ومكانة كبرى لدى القادة والشعب الروسي. ومن هنا تتجه أنظار العالمين العربي والإسلامي وحتى العالم ككل إلى العاصمة الروسية وهي تترقب وتتابع ما سوف تحققه هذه الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين هذا القيادي المحنك والكبير. الذي انحاز دائمًا إلى السلام هو وحكومته الرشيدة، وبالتالي سعى دائمًا إلى أن يسود المنطقة السلام بعدما بلغ العنف في الشرق الأوسط مدى لا يمكن السكوت عنه أو التخلي عن المساهمة في ردعه والقضاء عليه خوفًا من أن يستشري ويكون أكثر شراسة وأكثر استشراء وأكبر دمارًا وأول شيء فعلته القيادة السعودية ومنذ بواكير العنف أن تحركت دبلوماسيًا وبقوة وفي مختلف الدوائر السياسية في المنطقة مرورًا بالدول المحيطة ووصولاً للدول الكبرى ومن بينها روسيا. وهكذا نجد أن هذه الزيارة سوف تناقش ومن بين ما تحمله ملفات وأجندات الأوضاع في المنطقة والكيفية المثلى لعودة السلام والأمن والاستقرار إليها ولتعود المياه إلى مجاريها الطبيعية وتستقر الأوضاع كما كانت في السابق.. ليعيش المواطن في منطقة «الشرق الأوسط» مثل غيره من المواطنين في العالم.. وزيارة مهمة كهذه الزيارة لخادم الحرمين الشريفين سوف تسهم مساهمة فاعلة في الدفع بقوة واهتمام وعلى جميع المستويات لتعزيز العلاقات بين المملكة وروسيا. هذه العلاقات التي بدأت كما تشير إليها وثائق التاريخ الدبلوماسي ما بين الدولتين المهمتين. منذ أول زيارة تاريخية للملك الشهيد فيصل بن عبد العزيز عندما كان أميرًا ووزيرًا للخارجية عام 1932م.
وتجدر الإشارة إلى أن الاتحاد السوفييتي كان أول دولة غير عربية اعترفت بالمملكة العربية السعودية وأقام معها علاقات دبلوماسية في فبراير - شباط عام 1926. وعلى أسس ومبادئ ثابتة. وفي نوفمبر - تشرين الثاني عام 1994 زار رئيس الحكومة الروسية فيكتور تشرنوميردين الرياض، ضمن إطار جولته إلى دول مجلس التعاون الخليجي، وتم خلال الزيارة التوقيع على اتفاقية عامة للتعاون بين الحكومتين الروسية والمملكة في مجالات التجارة والاقتصاد واستثمار الأموال والعلم والتقنية والثقافة والرياضة والشباب. وفي عام 2003م قام الملك عبدالله -رحمه الله- عندما كان وليًا للعهد - بزيارة رسمية إلى موسكو وأجرى خلالها مباحثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتم خلال الزيارة التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات لتطوير علاقات التعاون الثنائية ومن ضمنها اتفاقيات في مجال النفط والغاز ومجال العلم والتكنولوجيا. وكانت العلاقات بين البلدين قد شهدت فتورًا في بعض السنوات إلا أنه تم استئناف العلاقات رسميًا عام 1990م وشهدت العلاقات بين البلدين خلال السنوات الماضية تعاونًا في عديد من المجالات المختلفة التي عززها قيام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فبراير - شباط عام 2007 بزيارة إلى المملكة وتم خلال هذه الزيارة التوقيع على اتفاقية ثنائية في مجال الاتصالات الجوية ومعاهدة تفادي دفع الضريبة المزدوجة على المداخيل ورؤوس الأموال، وعدة اتفاقيات في مجال الثقافة وتبادل المعلومات والتعاون المصرفي. كما تم خلال الزيارة تحديد اتجاهات جديدة للتعاون (التكنولوجيا الذرية وغزو الفضاء في الأغراض السلمية). وقلد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز -رحمه الله- الرئيس بوتين قلادة الملك عبد العزيز التي يتم منحها عادة لكبار الزعماء وقادة دول العالم. هذه وتعدد زيارة كبار المسؤولين في المملكة لروسيا حيث قام كل من: الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام في المملكة عام 2007 بزيارة رسمية وزار الأمير بندر بن سلطان الأمين العام لمجلس الأمن الوطني في المملكة موسكو في السنوات 2006 و2007 و2008. وفي عام 2009 قام الأمير مقرن بن عبد العزيز رئيس الاستخبارات العامة سابقًا بزيارة رسمية لموسكو. وعام 2015 م قام الأمير محمد بن سلمان آل سعود ولي ولي العهد أيامها بزيارة رسمية لروسيا التقى فيها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.من هنا يتطلع الجميع في المملكة وروسيا والعالم بتفاؤل أن تحقق هذه «الزيارة التاريخية « للملك سلمان لروسيا كل التطلعات والطموحات لدفع هذه الشراكة نحو آفاق أوسع على أسس من التعاون والاحترام المتبادل، وبما يسهم بفعالية في تحقيق الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط...