«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
من أقدم الصناعات والحرف التقليدية في المملكة مهنة (النجار التقليدي)، وهي مهنة بدأت مع الإنسان منذ القدم، عندما حاول هذا الإنسان عمل أشياء تساعده في حياته اليومية، فبدأ بقطع الأشجار وتحويل أجزاء منها إلى أدوات يستفيد منها داخل كهفه أو (عشته) أو حتى بيته الطيني المتواضع، ونظرًا لأن البعض تميز عن غيره بالقدرة على الابتكار وتحويل بعض أجزاء جذوع الأشجار إلى الأدوات التي تفيده وغيره. وبعد ما نجح في عمله ووجد طلبًا على إنتاجه. اشتهر في مجتمعه بهذه الحرفية التي ميزته عن غيره. وهكذا بات معروفًا يلجأ إليه كل من يحتاج أدوات خشبية وتطورت حرفيته وتنامت وتنوعت منتجاته. فراح يصنع عديدًا من أدوات الطبخ والشرب وصحون الأكل وصناديق حفظ المأكولات وحتى الملابس. ولو رجعنا إلى كتب التاريخ التي وثقت ذلك لوجدنا عديدًا من اللوحات التشكيلية والفنية التي وثقت الحياة في الماضي وأتاحت لنا مشاهدة أنواع مختلفة من الأدوات الخشبية التي أبدع في صناعتها الأجداد في كل دول العالم وجسّدت في ذات الوقت حضارة مختلف الشعوب. والزائر لمتاحف الدول يشاهد ذلك وأكثر من ذلك. ومع مرور الأيام ودخول الميكنة ومختلف وسائل التقنية التي ساعدت على تطور صناعة النجارة في العالم بفضل الوسائل التقنية الحديثة التي أنتجت لنا مختلف احتياجاتنا في هذا المجال. وفي ذات الوقت ما زال بعض الحرفيين في مدننا محافظين على حرفتهم التي توارثوها عن آبائهم وصارت بينهم علاقة وطيدة وعشق دائم. وفي الأحساء التي تميزت عبر التاريخ بوجود أسر في مدنها خاصة الهفوف والمبرز يمتهنون مهنة النجارة التقليدية التي يمارسون العمل فيها يدويًا معتمدين على أدوات قديمة وتقليدية، بل هناك من يوصي على تصنيعها له خصيصًا لدى الحداد المتخصص في هذا العمل. والنجار التقليدي أو الشعبي الذي تجده يحتل مكانًا منذ سنوات في أحد شوارع مدينة الهفوف أو في سوق النجارين وتجده يواصل عمله مبكرًا منذ الصباح حتى صلاة الظهر ليعود مجددًا لعمله ومهنته بعد صلاة العصر وهو يقوم بإنتاج كل ما يحتاجه الفلاح أو البناء أو كراسي «المصاخن» الجرار أو ما يحتاجه الجمال لجمله أو حتى ينفذ ما يطلب منه من «دراجة» المشي التقليدية أو سرير الطفل القديم «الكاروك» والنجار التقليدي عادة لا يقوم بتنفيذ الأشياء الكبيرة التي تحتاج لمساحة واسعة لتنفيذها كالأبواب والشبابيك والدواليب والبكرات التي يحتاجها البعض. لكنه عاة يكتفي بصناعة الأشياء البسيطة والسريعة التنفيذ التي عادة لا تتجاوز أسعارها بدءًا من الـ10 ريالات «لمضربة» الهريسة أو 100 ريال لدراجة المشي. وهناك منتجات لا يتجاز أسعارها من 20 إلى 25 ريالاً كيد القدوم أو المطرقة. وعادة ما تجد منتجات «النجار الشعبي» إقبالاً كبيرًا عليها من قبل زوار الأحساء من الأجانب وعلى الأخص موظفو شركة النفط. أو الوفود السياحية أو حتى أبناء دول الخليج المجاورة الذين يحرصون كثيرًا على التردد على أسواق الأحساء الشعبية بين أسبوع وآخر. ويحرص «النجار الشعبي» على استخدام أنواع معينة من الخشب وهو في العادة يستعمل في عمله خشبًا أبيض، إضافة إلى خشب الأثل كونه قابل للتشكيل ومطواع في عملية تكوين المنتج.. وتجدر الإشارة إلى أن بعض حرفيي مهنة النجارة الشعبية يشاركون في عديد من المهرجانات التي تقام داخل الأحساء وخارجها خصوصًا مهرجان الجنادرية السنوي كذلك يدعون إلى مشاركات خارجية في بعض الدول الخليجية.