عبد الرحمن بن محمد السدحان
وُلد وعلى جبينه كلمة (مثقف)..
عاش وفي عينيه طموح..
ومشى قُدماً يحمل (هامة) فيها عقل الدهاة..
استبق زمانه.. فسلب من الأمس فرصته
ومن اليوم حنكته.. ومن الغد مستقبله..
الحياة عنده (ثقافة)
(والثقافة) عند حياة..
وهو بين الاثنتين صلة وصل
بل سلسلة لا تنفصم لها حلقة..
***
ركب رياح المجد الأربع..
له في كل قلب أديب مكان تقدير
وله على كل لسان مثقف كلمة إعجاب..
يضربون به الأمثلة
ويقتدون بثقافته على قدر ما يقتدرون..
متحدثٌ كأبدع ما يكون الحديث
ومقنعٌ كأحسن ما يكون الإقناع..
تراه ينظر إلى الطريق وكأنه يتبيّنه
وهو الذي لديه القدرة أن يمشي عليه مغمض العينين..
***
في صدره ألف أمل
وفي قلبه حبٌ واحد.. هو الوطن..
كان يؤلمه أن يربط الحب بالمديح
والنقد بالتمرد والعقوق والعصيان..
فقدتْه المنتديات والصوالين الأدبية الجادة
وأغفلته التي تمشي في ركاب الآخرين..
ثقافته نمطٌ متكامل من المعارف
لا يسوقها كالسلعة في أسواق المزادات الأدبية..
***
ينظِّم شعراً ليس للاستجداء والتكسب والرياء
ينظم بما يقتنع به، وليس بما يُرضي الآخرين..
في (التسعينيات) وفي ظل عنفوان تلك الفترة وسطوتها
عارض قصيدة أحدهم والتي عبرت عن رأي ناظمها
ونظّم معارضته الشهيرة التي عبرت عن رأيه
بكل شجاعة وإقدام.. لم يتنازل أو يتخاذل
وكان ما كان..
***
من طبقة المثقفين الحقيقيين..
يتصف بشجاعة فكرية نادرة..
لا يتلقى ما يسمع ويقرأ، كما يشرب الرمل الماء..
لا يعتمد على الأفكار الجاهزة..
يمحص ويبحث ويتحرى حين يعبر عن رأيه..
طاقة ضخمة من الصبر والجَلَد والمثابرة..
بداخله هدوء متفجر، ولكنه ينازل الأحداث بكل عنفوان وإيمان..
لا يستغيث إلاّ ليستنهض همّة نفسه
ولا يستكين إلا ليريح شجاعته من كثرة النضال..
***
بموته فقدت الثقافة شيئاً من بريقها..
وبغيابه عن الساحة تصحّرت كلمات اللغة ومفرداتها..
رحم الله مصطفى بن محمد بن السدحان رحمةً واسعة وأسكنه فسيح جناته.