إبراهيم بن سعد الماجد
لم يكن صدور الأمر السامي الكريم بالسماح للمرأة بقيادة المركبات قراراً مفاجئاً كون المرحلة تتطلب ذلك, فحياة الناس قبل عقد أو عقدين من الزمن ليست كحياتهم اليوم.
خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - الذي يستشرف المستقبل دوماً، لا يفتأ أن يؤكد تأكيداً جازماً بأنّ بلادنا التي تعمل على التحديث المستمر ومواكبة كل جديد يخدم المواطن ويعلي من شأن الوطن، لا تقبل ولن تقبل التخلي عن ثوابتها ودستورها القرآن الكريم والسنّة النبوية الطاهرة.
هذا العزم للتطور والتحديث وهذا الحزم في المحافظة على ثوابت ديننا وعقيدتنا ودستور بلادنا في الواقع ليس بالأمر الهين ولا السهل, فكثير من المجتمعات التي سعت للتحديث تخلت عن ثوابتها مهما كانت هذه الثوابت, والمجتمعات الغربية نموذج للمجتمعات التي سعت للتحديث ولكنها تخلت عن أخلاقها، فندمت الآن أشد الندم على ما حصل لمجتمعاتها من تفكك أسري وضياع للأبناء والبنات بل والآباء والأمهات, فصارت دور الإيواء ملاذاً لكبار السن.
المرأة نصف المجتمع وهي كالرجل كقيمة, لكنها قد تتميز عليه بكونها قيمة يحرص المجتمع على صيانتها والحفاظ عليها, ولا يعني ذلك الوصاية الجاهلية وإنما المحافظة النابعة من التوجيه النبوي الكريم (استوصوا بالنساء خيراً).
الأثر الاجتماعي ومثله الاقتصادي والأمني - بإذن لله - سيكون ظاهراً للعيان خلال مدة وجيزة من بداية تنفيذ القرار.
وأنا أنهي كتابة هذا المقال صدر توجيه خادم الحرمين الشريفين لسمو وزير الداخلية، باعتماد أن تقوم الوزارة بإعداد مشروع نظام لمكافحة التحرش, والرفع عن ذلك لمقامه الكريم خلال 60 يوماً, وهذا لا شك سيكون رادعاً ومانعاً من أي إيذاء للمرأة والأسرة حال تطبيق قرار قيادة المرأة.
الأمر الذي نأمل أن يكون مأخوذاً بالحسبان لدى إدارة المرور هو نشر الكاميرات في كل المواقع وبشكل كبير لنقل الصورة والتعامل معها فوراً، وسن قوانين آلية لا تقبل التدخل لمنع من تسوء له نفس تكدير حياة الآخرين والضرب بيد من حديد على هؤلاء, كما نأمل أن ينظر في السن الذي تمنح فيه المرأة رخصة القيادة ويسمح لها بموجبها القيادة, فلا أعتقد أن سن 18 سناً مناسباً كما هو الرجل.
نقطة مهمة وجدت البعض يدندن حولها وهي أنّ هذا القرار جاء نتيجة لمطالبات داخليه أو خارجية, وهذا في الحقيقة غير صحيح وإنما جاء نتيجة رؤية ملكية لحاجة المجتمع لمثل هذا الإجراء, الذي هو كما أسلفت أمني واجتماعي واقتصادي.
ولعل مؤسسات الدولة الإعلامية والتربوية والاجتماعية تعمل من الآن على زيادة جرعاتها التوعوية في جوانب الآداب والأخلاق والقيم وترسيخ مفهوم خصوصيات الناس وأنها خط أحمر لا يجوز تجاوزه من منظور شرعي قبل أي شيء آخر.