فهد بن جليد
نظام التحرش - برأيي - إنَّه تاج كل الأنظمة التي تحفظ للفرد والمرأة والطفل حقوقهم في الشارع والمنزل ومقار العمل والأماكن العامة, فهو يعني الحماية الشخصية من الإيذاء بتجاوز الآداب العامة، من قبل بعض ضعاف النفوس من الجنسين، خصوصاً مع تزايد مُشاركة المرأة في الحياة العامة، وتنامي حضورها ولعبها للكثير من الأدوار الحيوية في المُجتمع، وهذا ما يؤكد أن الأمر السامي الكريم بإعداد مشروع نظام التحرش والرفع به خلال 60 يوماً، جاء في وقته المُناسب، ونحن في حاجة إلى صيغ قانونية، وعقوبات نظامية رادعة منصوصة ومُحددة، تضبط المسألة انطلاقاً من القواعد الشرعية والحاجات المُجتمعية المُتجددة.
سنوات طويلة ومشروع نظام التحرش تتناقله اللجان بين شد وجذب، ولكن الحسم جاء بالحزم والعزم، مما يضعنا على أبواب نظام واضح ومُحدد يصون الأعراض، ويقضي على مثل هذه المُمارسات والسلوكيات الشاذة، التي لا تتوافق وطبيعة المُجتمع المسلم، خصوصاً وأن هناك من يستغل غياب نظام سعودي للتحرش سابقاً، مع تسجيل حالات للتحرش في العمل أو الشارع أو المرافق العامة، بالصيد في المياه العكرة ومحاولة تشويه صورة مجتمعنا في الصحافة العالمية، حتى نشرت دراسة تقول إن السعودية تحتل المركز الثالث عالمياً في قضايا التحرش بالمرأة العاملة من بين 24 دولة، وهي أخبار ودراسات مُزعجة لا تستند على مرجعيات واضحة، وتفتقر إلى المعايير العلمية الصحيحة، وما ساعد على انتشار هذا الهراء والتدليس - بكل تأكيد - هو غياب قانون أو نظام سعودي لمُكافحة ومواجهة الظاهرة.
وجود لغة قانونية بأنظمة مُحددة لمواجهة التحرش والحد منه، ستقضي على الاجتهادات التقديرية السابقة المُتباينة في العقوبة المُستحقة لكل فعل، وستجعلنا أمام نظام فعَّال يردع مثل هذه المُمارسات الخاطئة، فالمسألة أبعد من اختزال البعض له بالإيذاء المُباشر جسدياً أو جنسياً، ليشمل فضاء أوسع في محيط العمل والأماكن العامة كالتحرش النفسي و اللفظي - وغيرهما - مما نتوقعه ونأمله من مشروع نظام التحرش السعودي الجديد، وهي مرحلة قانونية مُتقدمة كفيلة بحماية حقوق الناس وصون حرياتهم الطبيعية المُنضبطة من تطفل واعتداء الآخرين.
وعلى دروب الخير نلتقي.