د. محمد عبدالله الخازم
هناك أصوات تطالب بتحويل الكليات التقنية إلى جامعة، ومع نقل رئاسة مجلس إدارة المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني من وزارة العمل إلى وزارة التعليم ممثلة في وزيرها، ازدادت حدّة التكهنات في هذا الشأن، وبالذات كون وزير التعليم أحد منسوبي المؤسسة، سابقاً. ووصل الأمر اقتراح مسمّى الجامعة التطبيقية الجديدة.
لم يصدر قرار بهذا الشأن، ولكن نظام الجامعات الجديد يحاول التمهيد لهذا الأمر وربما جعله أمراً واقعاً بوضع مصطلح الجامعات التطبيقية، واقتراح مجلس أمناء لها مختلف عن مجالس أمناء الجامعات الأخرى. وكأن الأمر لن يكون مجرد جامعة واحدة بديلة لمؤسسة التعليم الفني وإنما ربما جامعات تطبيقية. ربما يرى البعض أن الأمر مجرد مادة كتبت في النظام تحوطاً للمستقبل، لكن وضع تشكيل مختلف لمجلس أمناء الجامعة التطبيقية، يعني وجود تصور في ذهن معدِّي النظام لهذا الأمر، وإلا فالأجدى انتظار قرار تحويل المؤسسة إلى جامعة وحينها يعدل النظام وفق المستجدات. نحن نقرأ مواد نظام مكتوب للجامعات الموجودة في أرض الواقع وليست المفترضة في أذهان معدِّي النظام.
لنفترض - وذلك الأرجح - بأنّ الأمر يتعلق بالكليات التقنية القائمة، فإنّ السؤال هو لماذا نحولها إلى جامعة؟ ما الفرق بين المؤسسة والجامعة؟ أو الجامعات؟ هل الإشكالية أو هل الصعوبات التي تعترض مؤسسة التدريب التقني والمهني سببها المسمّى أو النظام الإداري الذي سيحسنه تسميتها بالجامعة وتحويل نظامها إلى نظام الجامعات؟ أم أنّ الأمر مجرد حلم أفراد (بالبرستيج) الذي يمنحه مسمّى جامعة لأي نوع من التعليم؟ طالما يرون بأنّ تحول النموذج الإداري للمؤسسة إلى نموذج الجامعات الأكاديمي، فلماذا لا يطبقون عليها النظام بحذافيره دون استثنائها بنظام مجلس أمناء مختلف؟ لماذا لم يتم الإشارة إلى رئيس مؤسسة التعليم الفني أو ممثلها في مجلس الجامعات أو مجلس الأمناء؟ أم أنّ ذلك تأكيد على التوجه نحو إلغاء المؤسسة بالكامل وتحويلها إلى جامعة أو جامعات؟ هل يوجد شخصنة في الموضوع، أي هل هي رؤية أشخاص أكثر منها رؤية مؤسسية ذات مبررات علمية واقتصادية وإدارية منطقية؟ هل شارك خبراء التدريب التقني والمهني في نقاش هذا الأمر؟
ليست مهمتي شرح الفروقات أو الدفاع عن نموذج إداري وأكاديمي محدد. البعض يرى أنه لا فرق؛ مؤسسة أم جامعة، الأمر مجرد شكل إداري! لو سلمنا بذلك، فالتغييرات الإدارية المحلية الحكومية والهيكلية مقلقة، وقد أرهقت بعض مؤسساتنا بتغيير مسمّياتها وشعاراتها وشكلها الإداري دون أن تقدم مضموناً مختلفاً. هذه وزارة التعليم وبعد سنوات لازالت تعاني إدارياً وتنظيمياً بفعل عامل الدمج بين وزارتين، فلمَ نحدث تغييرات إدارية (تلخبط) كيان التدريب التقني والمهني، دون مبررات واضحة...؟!
لقد مرت المؤسسة بتغييرات كبيرة خلال فترات قصيرة في مناهجها وبرامجها ونظامها التوظيفي ومسمّاها، وكانت تلك التغييرات سبباً ضمن أسباب أخرى في عدم استقرار هويتها وإرباكها الدائم. لذا أكرر الأسئلة؛ ما هي الإضافة الجوهرية، علمياً وتقنياً وإدارياً، التي سيجلبها تحويل التدريب التقني إلى جامعات؟ هل وزارة التعليم، الغارقة منذ سنوات في عملية دمج وزارتين، جاهزة (لحوسة) إدارية جديدة؟