محمد سليمان العنقري
المدن الكبرى في المملكة تعيش حالة ازدحام مروري كبيرة منذ سنوات وتزداد سنويًا وإذا كان يعزى ذلك لأسباب عديدة منها النمو الاقتصادي القوي الذي بدأ منذ نحو 12 عامًا ورفع من عدد السكان مع قدوم عدد كبير من الوافدين للمساهمة بإنجاز المشروعات التي تم طرحها بخطط الإنفاق الحكومي وكذلك بسبب آخر يتعاق بمشروعات ضخمة مثل مشروع المترو في الرياض وتطوير بعض الطرق الرئيسة في كافة المدن خصوصًا الكبرى سكانيًا لكن كل ذلك كان يتطلب تطورًا موازيًا بل وسريعًا بالحلول لتخفيف الازدحام لم تظهر إلا بجوانب تتعلق بالطرق نفسها كتحسين المداخل والمخاوج أو زيادة عدد الحارات فيها بينما لم تصل الحلول للعوامل الأكثر تأثيرًا في حركة السير بالمدن خصوصًا بأوقات الذروة بداية ونهاية الدوام الرسمي للمدارس والجامعات والموظفين بالقطاع العام والخاص.
فحجم استهلاك قطاع النقل من البنزين والديزل يصل يوميًا إلى أعلى من 800 ألف برميل يوميًا، ويشكل قرابة 23 في المائة من إجمالي استهلاك النفط يوميًا بالمملكة، وعلى الرغم من أن مشروعات النقل العام بدأ تنفيذها بالرياض وسيتم تنفيذ مشروعات مماثلة في المدن الكبرى جدة والدمام ومكة المكرمة والمدينة المنورة، إلا أن الحاجة لتحركات تقوم بها جهات مسؤولة عن قطاعات خدمية عديدة يمكن لها أن تقلص حجم الازدحام ببعض الإجراءات والمشروعات التي لا تتطلب ميزانيات ضخمة أو وقت طويل لإنجازها وبعضها لا يحمل أي تكلفة ويمكن اتخاذه بسرعة.
ففي كل صباح من الموسم الدراسي تنطلق ملايين الرحلات لنقل الطلاب والطالبات للمدارس والجامعات ويغلب استخدام الأسر والطلاب لمركبات خاصة قياسًا بالنقل المدرسي أو الجامعي والأخير محدد للطالبات فقط، فيمكن لوزارة التعليم فرض النقل المدرسي من خلال طرح مناقصات النقل بالمدن الكبرى بداية والانتقال تدريجيًا لبقية المدن الأصغر والأقل كثافة سكانية مما سيقلص حجم استهلاك الوقود ويخفف الازدحام وكذلك عدد المركبات التي تتحرك يوميًا في رحلتين لنقل الطلاب للمدارس ولمنازلهم، والأمر ذاته يفترض أن يطبق على الجامعات للطلاب تحديدًا الذين لا يشملهم النقل الجامعي بينما هو اختياري للطالبات حاليًا ويضاف لذلك مراعاة أن يكون هناك فارق بتوقيت بداية ونهاية ساعات الدراسة اليومية بين المدارس والجامعات، ويمكن أيضًا تغيير بداية ونهاية ساعات عمل الموظفين تبعًا لطبيعة عمل كل جهة مع تقديم خدمة النقل الجماعي للموظفين مما سيقلل من عدد الرحلات يوميًا ويقلص من استهلاك الوقود، أما القطاع الخاص فيمكن تطبيق معيار بداية ونهاية الدوام عليه بأن يكون بأوقات مختلفة عن التعليم والجهات الحكومية ووضع ضوابط تلزم بإيجاد نقل جماعي للموظفين والموظفات مع توحيد الدوام بفترة واحدة حيث تقوم بعض المنشآت بتوزيع ساعات العمل اليومي على فترتين إضافة للإسراع بإقرار إجازة القطاع الخاص الأسبوعية لتكون يومين رسميًا.
تقليص الازدحام يمكن معالجته بعديد من الإجراءات ويمكن تشكيل لجنة من عدة جهات كبرنامج كفاءة الطاقة وإدارة المرور وبعض الوزارات والهيئات لتقديم أفضل الحلول والإجراءات التي يمكن اتخاذها لتخفيض عدد الرحلات اليومية وتراجع بنمو استهلاك الوقود والتيسير على كافة فئات المجتمع بالوصول لمدارسهم وأعمالهم وجامعاتهم بمدد قصيرة فبعض الرحلات داخل مدن كبيرة كالرياض تصل لأكثر من ساعة ونصف وهي لا تستغرق فعليًا ثلث تلك المدة مما تسبب بتأخر طلاب عن جامعاتهم أو موظفين عن أعمالهم ونالوا عقوبات حسب الأنظمة الداخلية للجهات التي يرتبطون بها ليس لهم ذنب فيها رغم خروجهم المبكر جدًا لوجهاتهم.