د.عبدالعزيز العمر
تم ابتعاثه إلى جامعة أمريكية مرموقة جداً، وبعد سنوات طويلة من الابتعاث حصل على درجة الدكتوراه في تخصص علمي نادر، ثم عاد إلى الوطن بعد أن كلف ابتعاثه خزينة الدولة مئات الألوف. قد تتوقع عزيزي القارئ أنّ هذا (الدكتور) الأكاديمي الخريج اختار بعد عودته للوطن قاعات المحاضرات والمختبرات العلمية لتكون (ملعبه) والمكان الذي سوف يصب فيها عصارة جهده وفكره العلمي. كم خاب الأمل المرجو من ابتعاث ذلك الأكاديمي عندما تم توجيهه للعمل مسؤولاً في جهاز إداري مركزي بيروقراطي بعيداً عن قاعات المحاضرات وعن المختبرات وجهازها الإشرافي الأكاديمي, أما المسؤوليات التي تم تكليف ( صاحبنا) بها، فيستطيع أن يقوم بها أي خريج جامعي تم اختياره بعناية، أو أي أكاديمي متخصص في مجال الإدارة. حدثني من أثق به أن هذا المسؤول الأكاديمي الرفيع كان يجمد بعض المعاملات على طاولته، لكون الخطاب المعد للعرض على رئيسه (المسؤول الأول) به أخطاء لغوية في الهمزات. يا إلهي هل شاب مفرق هذا المسؤول الأكاديمي من دراسة العلوم البحتة ومن السهر في المختبرات ليعود إلينا مصححاً لغوياً؟,. لقد فقدت المؤسسة التي ابتعثت هذا المسؤول (وفقد معها الوطن) بتصرفها هذا أبرز عناصر قوّتها، إنّ هذا هو الهدر البشري بأم عينه. والعجيب أن هذا المسؤول الأكاديمي أمضى ردحاً طويلاً من الزمن في موقعه الإداري قبل أن يغادره.